كتاب مفتوح إلى آباء المجمع الأنطاكي المقدس

 ريمون رزق وشفيق حيدر

النور - العدد الخامس والسادس 1984


ينقل لهم آراء العديد من أبنائهم في بيان المجمع الأخير

بعد لثم يمينكم وطلب بركتكم الرسولية ووافر أدعيتكم، وبعد اطلاعنا على بيان المجمع المقدس المنعقد في دمشق في دورته العادية من 25 إلى 28 تموز 1984 والذي نشرته الصحف اللبنانية في 31 تموز، نشكر الله على إيجابيات عديدة تضمنها هذا البيان، ولعل أهمها استمرار خط مخاطبة المؤمنين بما جرى في جلسة المجمع المقدس لأن في هذه المخاطبة تعبيراً عن إيمان آباء المجمع، وفي مقدمتهم أولهم غبطة البطريرك،  بجامعية الكنيسة المقدسة إذ المؤمنون فيها فاعلون عارفون، أو هكذا يريدونهم. المطارنة لا يؤلفون في كنيسة المسيح طغمة حاكمة ولكنهم، مع الشعب الحسنة عبادته، شركة مؤمنين. انطلاقاً من هذا المفهوم اسمحوا لنا أيها الآباء الأجلاء بإبداء بعض الملاحظات:

إن من يطالع البيان المذكور يلاحظ ثمة تناقضات لا بد من الإشارة إليها من باب المشاركة في المسؤوليةاتي دعانا الروح القدس الى ممارستها وحتى تأتي بيانات المجمع رصينة لا تشوبها شائبة في النصوص إذ الغاية منها تربية المؤمنين وتعليمهم، وهي أيضاً بيانات للتاريخ يطالعها المؤمنون وغير المؤمنين.

أول التناقضات يكمن في الحديث عن الاستئناس بشعوب الأبرشيات في معرض البحث في شغور أبرشية حماه. يقول البيان: "عرض لشعور أبرشية حماه فرأى المثابرة على الاستئناس برأي شعوب الأبرشيات في كل انتخاب مطران لكنه رأى أيضاً أن توريط الشعب في إبداء الرأي بإكليريكيين لم يرهم ولم يعرفهم يعرضهم ليكونوا ألعوبة في أيدي المغرضين الذين يستغلون مثل هذه الظروف ليضللوا الشعب الحسن العبادة".

ألا يلاحظ القارئ تناقضاً بين الشق الأول والثاني؟  : من جهة أولى "المثابرة على الاستئناس برأي شعوب الأبرشيات في كل انتخاب مطران". ومن جهة ثانية "ان توريط الشعب في إبداء الرأي بإكليريكيين لم يرهم ولم يعرفهم يعرضون ليكونوا ألعوبة في أيدي المغرضين الذين يستغلون مثل هذه الظروف ليضللوا الشعب الحسن العبادة".

ألم يبحث المجمع المقدس في أمكان التضليل في جلسة 8 آذار 1984 التي عقدها في البلمند، ولمنع مثل هذا التضليل أرسل لشعب حماه أسماء أحد عشر اكليريكيا ليختاروا منهم من يرشحون. ألم تكن هذه عملية الحد من التضليل؟ ألم يكن باستطاعة المجمع المقدس أن يحصر بنفسه عمليتي الترشيح والانتخاب في آذار سنة 1984 دون أن يقرر بنفسه ترشيحاً يأتيهم من مجالس رعايا حماة؟ ليس الشعب ألعوبة نثق به أولا ثم بعد أربعة أشهر نغير رأينا.

غريب! لا بد من الاستئناس برأي الشعوب ولكن لا نرغب به حتى لا نورطهم ولو حصرناهم في دائرة رأيناها سليمة بقرار الآباء وإقرارهم! أية طريقة يا ترى تزيل هذا الخوف من التوريط؟

والتناقض الثاني الغريب هو تناقض البيان مع نفسه في البندين الأول والثاني إذ تضمن مدحاً لمنتخب وسمي منتخباً آخر، فلا تعوز أحداً الفطنة الحادة ليلاحظ الاختلاف في اللهجة حتى لا نقول التناقض.

والبيان لا يناقض نفسه وحسب بل يناقض بيانات الممجمع الانطاكي المقدس عبر تاريخه القديم والجديد. وإذا عدنا إلى بيانات المجامع المقدسة في تاريخ انطاكية الحديث نرى ان ليس من بيان منذ سنة 1962 حتى يومنا قد حوى لهجة مدح كالتي قرأناها في البند الثاني من البيان الأخير. فما سبب ذلك؟ إنها ملاحظات بنوية نبديها ولا نبتغي من ورائها إلا وجه الله.

                                       

المشاركات الشائعة