دورات المجمع الأنطاكيّ المقدّس

 ريمون رزق

النور - العدد التاسع 2005


قمت مؤخّرًا بتجميع البيانات الصحفيّة، التي صدرت من سنتَين وحتّى اليوم، والتي تتعلّق بأعمال المجمع الأنطاكيّ المقدّس. ولا أخفي سرًّا إن تعجّبت عندما استنتجت أنّ مضامينها عامّة وتتكرّر، تقريبًا، حرفيًّا، من جلسة إلى أخرى، من دون أن يرد فيها أيّ توجّه جوهريّ حول المعضلات الرعائيّة العديدة التي تتخبّط فيها كنيستنا، وأضحى من الملحّ إيجاد الحلول الناجعة لها. ولا شيء أيضًا حول الجدل اللاهوتيّ الذي يدور في الوسط الكنسيّ ويخشى منه خلق شقاق جدّيّ بين المؤمنين. وهؤلاء ممزّقون بين الآراء اللاهوتيّة المتضاربة، ويتمنّون على أساقفتهم حرّاس عقيدة الكنيسة، بدعاء وصلاة مستمرّة، أن يأخذوا موقفًا صارمًا يهدف إلى وضع حدّ نهائيّ لهذا الجدل الذي يشوّش حياتهم الروحيّة ويعثّرهم.

في وسط القلق الخانق، حاولت أن أستعلم إذا كان كلّ أسقف يتحدّث إلى أبناء أبرشيّته عن أعمال المجمع المقدّس، ويذيع معلومات أكثر من تلك الصادرة في البيانات. ولكن لا شيء من هذا القبيل، ويبدو، في معظم الحالات، أنّ لا حوار مباشر وصريح يتطرّق إلى المعضلات والهموم التي تواجهها بطريركيّة أنطاكية بكاملها.

حوار كهذا، يفترض فيه أن يكون قاعدة في كلّ مجموعة كنسيّة، بخاصّة في كنيسة مثل الكنيسة الأرثوذكسيّة، التي لا تكفّ عن المناداة بالمجمعيّة والشركة بين الإكليروس والعلمانيّين ضمن احترام مواهب كلّ منهم.

ولكن، إزاء غياب شبه شامل للمجالس الأبرشيّة، رغم أنّ القوانين الأنطاكيّة تفرضها، لا يبدو هذا الحوار سهلاً حاليًّا، مع أنّه ضروريّ أكثر من أيّ وقت مضى. في الواقع، أعضاء شعب الله، المدعوّون في كنيستنا، إلى "حفظ الإيمان" (بحسب الاصطلاح المستخدم في الرسالة التي أطلقها البطاركة الأرثوذكس ردًّا على دعوة بابا روما للمشاركة في المجمع الفاتيكانيّ الأوّل)، لا يمكنهم أن يكتفوا، كي يلتزموا هذا الإيمان بجدّيّة ومسؤوليّة، ببيانات صحفيّة مقتضبة ومكرّرة. ويحقّ لهم أن يحصلوا على شرح موسّع ومفصّل يقدّمه لهم أساقفتهم، الذين يشكّلون معهم شعب الله.

كيف السبيل إلى تأمين حوار كهذا؟ كيف نخبر آباء المجمع عن هموم أبنائهم؟ كيف ندفعهم إلى التفاعل مع معضلات هذا العالم؟ كيف نذكّرهم، ضمن الاحترام والمحبّة البنويّة، بأنّ الكنيسة يفترض فيها أن تكون ضمير العالم، وبأنّ العالم يحتاج أكثر فأكثر إلى سماع الصوت النبويّ لهذا الضمير.

شعب الله بأجمعه، ينبغي له أن يشعر بأنّه معنيّ بالواقع الكنسيّ اليوم. ومن الضرورة بمكان، أن تتحرّك الأمور ويستعاد الحوار المباشر الذي يحترم مواهب الجميع. وعلينا جميعًا، إكليروس وعلمانيّين، أن نحرص على عدم الوقوع في تجربة ارتهان الروح القدس. وعلينا أن نتجنّب، بأيّ ثمن، إطفاء الروح. تُرى من سيأخذ المبادرة قبل أن يتفاقم الوضع ويزداد سوءًا؟

 

المشاركات الشائعة