مخاطر الأبوّة الروحيّة غير الصالحة

 

ريمون رزق - 2013 


لا ينصّب الأب الروحيّ نفسه أبًا روحيًّا، بل تعرف الجماعة الكنسيّة مَن لديه هذه الموهبة، فتكشف له موهبته، ويأتي إليه التلاميذ. يشتكي جميع كبار الروحانيّين المعاصرين من قلّة الآباء الروحيّين الحقيقيّين. يقول مثلاً المطران سمعان كوتساس، متروبوليت سميرنا الجديدة في اليونان: "كثير من كهنتنا يدّعون موهبة الأبوّة الروحيّة عاجلاً، وهم لا يزالون شبابًا وغير ناضجين وبدون خبرة  رعائيّة، وبدون الخضوع إلى إرشادات أب روحيّ متمرّس. فيعتبرون ذواتهم "برصنوف جديدً" أو شيوخًا ذوو موهبة وهم لا يزالون أطفالاً... فيحومون سعيًا وراء التلاميذ. يتسلّطون على ضمائر الناس بأدعاء الطاعة العمياء الواجبة للشيوخ... أساقفتنا هم أيضًا مسؤولون عن هذا الوضع، إذ يقبلون أن يقوم بالإرشاد الروحيّ أناس غير راشدين. وأمام ادّعاء الكثيرين أنّهم آباء روحيّين، قال البطريرك الروسيّ ألكسي الثاني: "عامّة يصرّحون أنّ شرط الخلاص الضروريّ والوحيد يكمن في طاعة كاملة لما يقولون، محوّلين أولادهم الروحيّين إلى آلات لا يستطيعون أن يفعلوا شيئًا بدون بركة واحد من هؤلاء الستارتس. فيحرمون الناس من ممارسة حريّة إرادتهم المعطاة من الله. ويؤكّدون أن ممارساتهم هذه باستشهاد خاطئ بأقوال الآباء القدّيسين، مشوّهين بذلك رتبة الأبوّة الروحيّة الحقيقيّة" (مذكور في ربيع الإيمان في روسيّا، ص 144). ويقول القدّيس أغناطيوس بريانتشانينوف: "على الأب الروحيّ أن يسدي نصائح. ولا تفرض النصيحة اتّباعها مهما كلّف الأمر: يمكنك اتّباعها أو عدم التقيّد بها. لا يتحمّل الذي ينصح مسؤوليّة نصيحته، إن كان أعطاه بمخافة الله وتواضع، وليس بمبادرته الشخصيّة، بل استجابة لطلب الذي يسأله. وكذلك مَن حصل على نصيحة، لا يرتبط بها، بل يحافظ على حريّة التميّز التي فيه". (المدخل إلى كنيسة الشرق النسكيّة، 1978، ص 72). ويقول الشيخ بايسيوس: "جاهد قدر المستطاع لكي يكون أباك الروحيّ إنسانًا روحيًّا ذو فضائل وأن يكون عمليًّا أكثر منه معلّمًا. لا بدّ للقبطان أن يكون مارس كبحّار عاديّ، كي لا يفرض على الآخرين كلّ المعلومات الرهبانيّة التي استقاها من الكتب بدون ممارستها). أن تكون حياته بسيطة بدون اهتمامات دنيويّة، ولا يسعى وراء مصالح غير خير النفس الآتية إليه وصالح أمّنا الكنيسة".

يتابع المطران سمعان قائلاً: "واجب الأب الروحيّ الحقيقيّ وذو خبرة أن يوجّه قلب أبنائه الروحيّين إلى شخص الربّ وليس إلى شخصه. التعلّق بالشخص – إن كان آتيًا من الأب الروحيّ أو من أبنائه بدون رفضه لذلك – هو مرض ويشكّل خطرًا كبيرًا لكليهما". ويقول الأسقف كاليستوس (وير) متكلّمًا على علاقة الأب بابنه أنّ عليها أن تكون دومًا ثلاثيّة الأطراف، حيث الله هو الطرف الثالث... ليس الأب الروحيّ نوعًا من القاضي الذي يكتفي بالأمر والنهي، بل دليلاً، مرشدًا ورفيق طريق. الأب الروحيّ الحقيقيّ هو الروح القدس". مهمّة الأب الروحيّ أن يساعد فقط على قراءة الحياة على ضوء الإنجيل وعمل الروح القدس.

ويقول الأسقف كاليستوس أيضًا: "واجب الأب الروحيّ ألّا يهدم حريّة ابنه، بل أن يساعده لكي يعرف نفسه. فلا يقمع شخصيّته، بل يعطيه ما يلزمه لاكتشاف نفسه ومعرفة حقيقة أمره... لا يفرض آراءه الشخصيّة بل يدعو ابنه إلى إيجاد طريقه الخاص... باختصار هو حارس على باب الله، ومهمّته أن يجعل النفوس تسير في سبيل الله وليس في سبيله الخاصّ". مَن يفعل باسمه الخاصّ يفعل من أجل مجده. يعرض ذاته والذين يسمعونه كذبيحة إلى الشيطان. يقول القدّيس أغناطيوس بريانتشانينوف الروسيّ: "مَن يعمل باسم الربّ يعمل من أجل مجد الربّ. فيحقّق خلاصه وخلاص رفيقه على يد الربّ، المخلّص الوحيد. الخطر الأعظم أن نُسلم عبدًا لله فتيًّا إلى عبد للبشر (1 كورنثوس 7: 23) بجعله يتبع مشيئة إنسان ساقطة بل مشيئة الله الكلّيّة القداسة". على الإبن الروحيّ الإنتباه إذًا ألّا يعتبر الأب الروحيّ مَن يقرّر عنه ويعطي تعليمات في كلّ نواحي حياته. لا يوجد أيّ شيء آليّ في العلاقة بين الأب والابن. على الأب أن يساعد الإنسان على اتّخاذ القرار بنفسه، ويوجّهه إلى الطرق التي تجعله يولد في الله والنموّ الروحيّ. ليس الأب صاحب "وصفات" لكلّ شيء يخصّ ابنه، إذ إن فعل ذلك يقزّمه.

لا يجب أن توجد أبدًا أيّ علاقة عاطفيّة إنسانيّة بين الأب والابن. ينهي الأب الصالح ابنه عن التعلّق به عاطفيًّا، ويبعده عن كلّ شيء يمكن أن يخفي شعوريّة مريضة تنسجها الأهواء.

طاعة الأب الروحيّ

يتكلّم كثيرون على الطاعة الواجبة للأب الروحيّ. إن كانت العلاقة مبنيّة على ثقة متبادلة، وإن كان الأب الروحيّ يتحلّى بالتواضع والمحبّة، لا بدّ من طاعته إن كان ما يطلبه يوافق سبل الإيمان والتقليد وتعليم الآباء. إن طلب شيئًا خارج هذه الأمور أو مخالف لها لا بدّ من الابتعاد عنه واللّجوء إلى أب آخر، علمًا أنّ الأب الروحيّ لا يفرض شيئًا على ابنه الروحيّ، بل يساعده فقط بالمحبّة والثقة التي بينهما.

يجب التمييز في هذا الصدد بين الطاعة التي على الراهب المتدرّب أن يضعها مع أبيه الروحيّ. يكون بذلك يختار بملء إرادته أن يتخلّى عن إرادته بغية سلوك طريق الزهد والحياة الروحيّة. لا يُطلب من الذين في العالم مثل هذه الطاعة، وعلى أبيهم الروحيّ أن يتعاطى معهم بغير الأسلوب الذي يستعمله مع تلاميذه الرهبان، محترمًا حريّتهم ومرشدهم إلى القبول الطوعيّ لما يدلّهم عليه.

يؤكّد العديد من كبار الآباء على ضرورة طاعة الأب الروحيّ مهما فعل. يتكلّم هؤلاء عادةً على الطاعة الواجبة للرهبان. يقول مثلاً سمعان اللاهوتيّ الجديد: "امتنع كلّيًّا عن معاندة أبيك حتّى إن رأيته يزني أو يسكر أو يتصرّف تصرّفًا شاذًّا... اعتبر أنّك مسؤول عن كلّ ما ترى من أفعاله" (المواعظ التعليميّة 18). شجّعت مثل هذه الأقوال، في كثير من الأحيان، السكوت عن أخطاء فاضحة. وهي تناقد كلّيًّا ما يقوله باسيليوس الكبير في إلزام الطاعة فقط في ما هو مطابق للكتاب المقدّس، إذ كان يوصي رهبانه بتأنيب رؤساء الأديرة إن خطئوا.

ويقول كاهن روسيّ معاصر آخر (الأب أرتيمي فلاديميروف): "من الأهميّة بمكان أن يفهم المبتدئ أن الطاعة الحقيقيّة هي لمشيئة الله وحدها. شيء رهيب أن يعتبر مبتدئ أو مهتدٍ إلى المسيحيّة أنّ عليه طاعة حتّى النزوات الإنسانيّة عند معرّفه. إنّ هذا الواقع يولّد عند المعرّف أو رئيس الدير أو رئيسة الدير شعورًا بالاكتفاء بالذات. مثل هذا الشعور يفسدهم. فيصيرون كحاكم أوحد له سلطة لامتناهية على فلّاحيه. يقول القدّيس نكتاريوس من دير أوبتينا، أنّ على المرء أن يطيع بكرامة. وأعتقد أنّه كان يعني أنّه علينا التمييز بين مشيئة الله والهوى البشريّ، وأن نقاوم الأهواء الإنسانيّة الساقطة. وأن لا نثور ضدّ كلّ سلطان، بل أن نكون منتبهين في التمييز بين الخضوع للنزوات البشريّة وإتمام وصايا الله" (مذكور في "روسيّا بعد الشيوعيّة"، ستيفين هيدليه، ص 522).

ويقول كاهن روسيّ آخر: "ليس الكاهن ملاكًا، بل إنسانًا عاديًّا. طلب الطاعة الكاملة له شيء مخيف يوازي الانتحار الروحيّ. تكمن الطاعة في المسيحيّة أوّلاً في سماع الحقيقة المعلنة في الوعظ واتّباعها حسب السبيل الذي تختاره حريّتنا" (المرجع عينه، ص 422).

ما العمل في حال عدم وجود أب روحيّ حقيقيّ؟

إنّ وجود أب روحيّ يتّسم بالصفات التي ذكرنا أمر نادر للغاية. من هنا على مَن يسعى وراء إرشاد روحيّ، أن يقبل متواضعًا مَن يجده من الإخوة الساعين إلى الكمال والقداسة رغم خطاياهم، وأن يترافقا الطريق. وإن لم يجد أب روحيّ قدير أو سالكًا سبل القداسة، يوصي الآباء باللّجوء إلى الكتاب المقدّس وأقوال الآباء والفيلوكاليا خاصّة والأدب النسكيّ عامّة الذي يعلّم محاربة الأهواء واكتساب الفضائل، كما العيش المحبّ في شركة جماعة الإخوة المؤمنين المجاهدين. فيصير اللقاء المحبّ مع الإخوة، في الليتورجيا وقبلها وبعدها، مختبرًا للحياة المسيحيّة، يعلّم الالتصاق بالله والإخوة معًا.

الأبوّة الروحيّة والعلاج النفسيّ

يمكن القول إنّ سبل العلاج الروحيّ والنفسيّ تتّجه إلى بذل الذات، أي الزهد، أو إلى انشراح الذات في مختلف إمكانيّاته. وبما أنّ هذه السبل تبتغي الوصول إلى نفس الأهداف، يمكن اعتبار الزهد موجودًا على طرف نصف دائرة والمذاهب المُتعيّة على الطرف الآخر. يمقت الزاهد عددًا لا بأس به من الملذّات بغية الوصول إلى الله. يسمح له هذا الابتعاد بتكريس ذاته سعيًا وراء مثاليّات يعتبرها أسمى من الملذّات، كالتأمّل بالطبيعة، وتنمية أفكار معيّنة، والسعي وراء أهداف اقتصاديّة أو اجتماعيّة أو علميّة أو فنيّة. يلغي الزهد كلّ ما هو ثانويّ بالنسبة إلى الهدف المنشود. أمّا الموقف الساعي وراء تنمية النزعات الشخصيّة أو المواهب، فيسلك طريقًا مختلفًا يرنو إلى تحقيق أهداف مختلفة، بموجب جدول أوّليّات مرتبط فقط بالحدود التي يفرضها الوقت أو المال أو سهولة الوصول إلى الموارد اللازمة... يعتبر الإنسان نفسه حديقة تنمو فيها ثمار كثيرة، تساهم جميعها في حيويّة وجمال كلّ ما فيها. فقط حدود المال أو الوقت أو مقتضيات المجتمع تفرض اتخاذ قرارات صعبة، وتمنع ملاحقة النموّ في الاتّجاهات، فتجعل من الضروريّ وضع أولويّات، ممّا يرجعنا إلى الزّهد، لكن بطريقة أخرى. يتّجه المعالجون النفسانيّون والمرافقون الروحيّون، على اختلاف انتمائهم العقائديّ، نحو الوصول إلى اتّفاق. تقتضي المسيرة الروحيّة التحرّر من النزاعات الباطنيّة لكي لا تقف في وجه مسعى مَن يفتّش على طريق. ويقف القصور العاطفيّ والصدمات النفسيّة والتشوّش العصبيّ عائقًا أمام السعي الروحيّ، ويجيّشوا بعض قوى الإنسان فيلهوه عن السعي الروحيّ، وأحيانًا يمنعوه منه كلّيًّا. هنا يمكن أن يأتي دور المعالج النفسيّ للوصول إلى عيش حرّ من المعوقات الكبيرة، فيسمح للمرء أن يدخل في شركة مباشرة مع الحياة. تفترض هذه الشركة أن يتصالح المرء مع انفعالاته، خاصّة التي يعتبرها سلبيّة: القلق والغضب والشعور بالذنب والتدمير الذاتيّ، والرغبات المنحرفة أو التي يصعب قمعها، إلخ. هذا ما يدعوه الآباء الروحيّون التحرّر من عبوديّة الأحاسيس. ويمكن للعلاج النفسيّ أن يساعد للتخلّص منها. ليس العلاج النفسيّ والمرافقة الروحيّة متناقضَين بل متكاملَين. لذلك وجب أن يتفاهم "المعالجون" كي يستفيد "المريض" (نفسيًّا وروحيًّا). يعرف الآباء أنّ الأهواء، إن لم تُعالَج، توصل إلى حالات مرضيّة. وتذكر سيرة القدّيس ثيودوسيوس أنّه أنشأ مصحًّا لمعالجة النسّاك الذين أوصلهم انحرافهم في الزهد إلى أمراض عقليّة. يعتبر الآباء، لعدم وجود معالجات نفسيّة في أيّامهم، أنّ كلّ الانحرافات يمكن علاجها بواسطة الإرشاد الروحيّ، وإلّا اعتُبِرَ المرض أمرًا يائسّا. أمّا الآن، أمّا الآن، يضطر الآباء الروحيّون أن يرسلوا المريض إلى عناية المحلّل النفسانيّ، عندما يلزم الأمر. قال أحد محلّلي النفس المسيحيّين، متوجّهًا إلى أب روحيّ: "إنّ دوري هو أن أجعل الناس أصحّاء. أمّا دورك فأن تجعل منهم قدّيسين". ويلخّص ألان ومادلين دويك، وهما معالجان نفسيّان أورثوذكسيّان في مجلّة العلّيقة المشتعلة (عدد 15، ص 69 إلى 81) خبرتهما في بعض العبارات الكتابيّة أو الآبائيّة، أهمّها:

1)    "العين هي سراج الجسد. إن كانت عينك صحيحة يكون جسدك في النور". فالعين تشير إلى ضرورة اليقظة والوعي السليم.

2)    "فليكن النعم نعم واللا لا، لأنّ كلّ شيء آخر هو من الشرّير"، التي تشير إلى رفض الغش والكلام البطّال الذي يلهينا عن واقعنا الحقيقيّ ويجعلنا نرفض كلّ ما يزعجنا.

3)    "صنع الله كلّ شيء من أجل خلاصنا"، وكلّ شيء هو لخير الذين يحبّون الله. إذًا بالثقة بالله والاقتناع بمحبّته، نسترجع تفاءلنا بالحياة ونقاوم الشرّ.

4)    "مَن يرى خطيئته أعظم ممَّن يقيم الموتى". لا بدّ من معرفة الذات كأوّل خطوة نحو الشفاء.

5)    "يوجد فرح أعظم لخاطئ يتوب من 99 بار يتمجّدون". ضرورة استعمال إرادتنا لكي "نعود" إلى الآب، كما فعل الإبن الشاطر.

6)    "هذه هي طريق الراهب: أن يقع، فيقوم، ثمّ يقع فيقوم". أيّ ضرورة الصبر والمثابرة.

7)    "سيعرفون أنّكم تلاميذي إن أحببتم بعضكم بعضًا". ضرورة المحبّة التي تفوق كلّ الفضائل وتلدها.

8)    "بدوني لا تستطيعون أن تفعلوا شيئًا". إنّ صاحب العلاج الحقيقيّ هو الله، مهما كانت مهارات البشر. بواسطة هذه الأقوال، يلخّصان الأسس التي يجب أن ترعى العلاجَين النفسيّ والروحيّ، إذ توجد أمراض جسديّة ونفسيّة، وأمراض روحيّة، ويجب أن تُعالَج جميعًا بالتعاون بين الأب الروحيّ والمعالج النفسانيّ.

الخلاصة

ليست الصحّة العقليّة شرط الحياة الروحيّة. ولا تهدف الحياة الروحيّة إلى انشراح الشخص الإنسانيّ، بل تفتح له الطريق ليتّجه نحو الله. وكلّ ما يسهّل هذا الأمر بدون المسّ بحريّة الإنسان مبارك. قال أحد المعالجين النفسيّين: "هدف التحليل النفسيّ أن يجعل الإنسان يدخل في صلة. إن كانت هذه الصلة في المجال الروحيّ، فلا دخل لنا بها". بل علينا أن نعلم أنّ "الإنسان لن يجد الراحة في أيّ طريق يسلكها في هذا العالم قبل أن يكون قد اقترب من الرجاء الذي في الله، لأنّه لا يمكن للقلب أن يصل إلى السلام في وسط الأتعاب والصعوبات إن لم يكن وصل إلى هذا الرجاء" (اسحق السريانيّ، المقالات النسكيّة). هذا هو الرجاء الذي يفوق كلّ رجاء. إذًا هدف الأبوّة الروحيّة الوحيد هو الإرشاد إلى الطريق المؤدّي إلى الله، والتدريب على الجهاد الروحيّ ومحاربة الأهواء والمساعدة على عيش حياة شركة مع الله والبشر. وهذا الهدف ينطبق على كلّ مَن يتعاطى التوجيه الروحيّ والإرشاد، مهما كان وضعه الكنسيّ. بكلمة واحدة مهمّة المرشد الروحيّ أن يذكّرنا بمتطلّبات الخلاص. يقول أحد كبار الستارتس الروس، القدّيس ثيوفانّس الحبيس: "مَن هو الذي لم يسمع كلامًا على الخلاص؟ لكن الأمر لا يتعلّق بالكلام، إذ تنقصنا الهمّة للعمل من أجل خلاصنا. نودّ أن نحصل عليه والبقاء بهدوء على فراشنا، معتقدين أنّ الخلاص سيأتي إلينا لوحده. إن كنتم تعانون بمثل هذا المرض، اعلموا أنّ طريق الشفاء هو أن تمتلؤوا نشاطًا لتحقيق خلاصكم، بدون أن تحاسبوا على جهدكم. إذ ذاك ستجدون أنّ خلاصكم قد أتى إليكم. المهم أن تتخلّوا عن ذواتكم... وتعتادوا العيش في حضرة الله، وأن تتصرّفوا... كما يليق به... سلّموا ذواتكم إلى الربّ وسيدلّكم على الطريق ويملؤكم من حقّه وحياته. زيدوه محبّة، وعندما تتّحدون به في هذه المحبّة، فكّروا به أكثر من حركة زفيركم" (مقتطفات من رسائله). على الأب الروحيّ والمرشد أن يرافقنا في هذا الطريق.


 

المشاركات الشائعة