رحلة العمر - آثوس

 ريمون رزق

النور- العدد االسابع 2014

 

يذكر تقليد قديم أنّ السفينة، التي كانت تقلّ والدة الإله ويوحنّا الإنجيليّ إلى قبرص، أجبرتها عاصفة هوجاء على الإرساء على أحد شواطىء جبل آثوس، في المكان الذي شُيّد فيه لاحقًا دير إيفيرون. فأُعجبت مريم بجمال الطبيعة وطلبت إلى ابنها أن يمنحها هذا الجبل. إذ ذاك سُمع صوت يقول: "فليكن هذا المكان ملكًا لكِ، وحديقتك، وجنّة نعيمك، والميناء الأمين لجميع الذين يريدون الخلاص".

وخلال إحدى ظهورات العذراء للقدّيس بطرس الآثوسيّ، وكان من أوائل قدّيسي الجبل، قالت له إنّ "جميع الذين سيسكنون فيه سيجدونني معهم، طيلة حياتهم، وسأعلّمهم كيف يجب أن يتصرّفوا، وماذا يجب أن يتفادوا. وسأكون مرشدتهم وطبيبتهم ومعيلتهم... وسأطلب إلى ابني وإلهي أن يغفر جميع خطايا الذين سيعيشون على هذا الجبل في محبّة الله والتوبة".

رافق هذا التقليد، الذي جعل رهبان الجبل لا يريدون حضورًا نسائيًّا فيه سوى حضور والدة الإله، كلّ تطوّر الحياة الرهبانيّة في الجبل عبر العصور ابتداءً من القرن التاسع. ويعتبر جميع رهبان الجبل أنّها الرئيسة الفعليّة لكلّ أديرته وقلاليه، وأنّ الرؤساء المنظورين ليسوا سوى وكلاء عنها.

كنت قد قرأت هذه الأشياء قبل أن وطأت قدماي "الجبل المقدّس" في 27 تشرين الأوّل 2014 ، بصحبة غبطة البطريرك الأنطاكيّ يوحنّا العاشر، الذي تكرّم مشكورًا وضمّني إلى أعضاء الوفد الذي رافقه خلال زيارته الجبل، التي استمرّت حتّى 3 تشرين الثاني 2014. فقد شعرت فعلاً بشكل شبة محسوس بحضور والدة الإله في كلّ الأمكنة التي تسنّى لنا زيارتها. إنّها حاضرة فعلاً في أيقوناتها العجائبيّة العديدة التي تحتلّ الصدارة في كلّ كنائس الأديرة الرئيسة، وفي الخدم الليتورجيّة المخصّصة لها التي تُقام يوميًّا، وفي الظهورات التي لا تزال تقوم بها مع أكثر من راهب أو ناسك. إنّها المثال الأسمى للقداسة المسيحيّة إذ حملت في أحشائها الذي يصبو المسيحيّ طيلة حياته الالتصاق به ليحصل على نعمة التألّه. يجعل هذا العيش الدائم في حضرة والدة الإله "الدّالة" إلى ابنها من الجبل المقدٍّس "باب السماء"، كما تُدعى المدينة التي ينطلق منها الحجّاج للوصول إلى الجبل.

أمّا الشعور الآخر الذي غمرني في الجبل فهو أنّي خرجت من الزمن العادي وهمومه، وأخذت أعيش نمطًا مختلفًا من الحياة. في العالم، يسعى مريد الله أن يخرق حجاب الزمن والمنظورات، ليحظى بالتأمّل، ولو للحظة عابرة، بالوجه الآخر للحقيقة. فتنفتح له السماء، خاصّة في القدّاس الإلهيّ، ويتذوّق طعم اليوم الآخير، حيث يكون الربّ يسوع الكلّ في الكلّ. أمّا في الجبل، عندما تتحدّث مع بعض رهبانه، فتشعر أنّ أقوالهم آتية من "هناك"، من هذا الوجه الآخر للحقيقة الذي يبدو أنّ بعضهم يعيشون فيه باستمرار. فينتابك الشعور أنّ منطقهم ليس منطق العالم، و"الخارق الطبيعة" بالنسبة إلينا ليس سوى "الطبيعيّ" بالذات بالنسبة إليهم. تُرى، هل يجعلهم سكناهم في "فردوس" العذراء يستعيدون منطق الفردوس الأوّل، حيث أُعطيت للإنسان الأوّل إمكانيّة العيش الدائم في حضرة الله، وأن يثق به بثقة عمياء. إنّه وحده الصخرة الأمينة، إذ إنّ جميع "الصخور" التي نرتكز عليها في حياتنا في هذا العالم صائرة إلى الزوال. وما يزيد من هذا الشعور بالخروح من الزمن الحاضر كون الجبل يتّبع وقته الخاصّ، إذ عند غروب الشمس تكون ساعته الثانية عشرة ليلاً، ولا يزال يحافظ على التقويم اليوليانيّ حتّى بالنسبة إلى الأعياد الثابتة.

وزاد من "تغرّبي" هذا، لا بل من عودتي إلى الوطن المفقود، الأحاديث التي أُعطيت لي نعمة إقامتها مع بعض الرهبان. لدى سؤالي عن كيفيّة مواجهة الأوضاع الصعبة التي نعيش، أجابني كثيرون أنّه ليس بإمكاننا مواجهتها وحدنا إذ لا نقدر عليها. وحده الله يقدر عليها. فعلينا الاتّجاه نحو الله والصلاة الحارّة المستمرّة نحوه ونحو والدة الإله لكيّ يتحنّنا علينا ويعينانا ويُلهمانا كيف يجب علينا أن نتصرّف. قال لي الأب بسيليوس، رئيس ديري ستافرونيكيتا وإيفيرون السابق، والذي يعيش الآن في عزلة في إحدى القلالي التابعة لدير إيفيرون: "علينا أن نصير ما نحن عليه حقًّا في محبّة الناهض من القبر... وأن نتجاوز كلّ معرفة وجميع المصائب لكي ندخل في الحياة الحقيقيّة". إذ ذاك تنقلب الموازين ونصير مسيحيّين. سأله أحدهم ماذا يجب أن نفعل مع أناس من أمثال "داعش"، فقال: "علينا أن نحرقهم بنار محبّة القائم من بين الأموات". وقال آخر، مطمئنًا: "أمام هجرة المسيحيّين الحاليّة من الشرق، وصعوباتها وطابعها الكارثيّ، علينا أن نثق بأنّ الله لن يتركنا، إذ إنّ المعجزة الحقيقيّة هي في استمرار الوجود المسيحيّ في الشرق رغم ما عانينا من اضطهاد، وفي كون إشارة الصليب لا تزال تُرسم على وجوه أبنائه". وقال الأب مكاريوس، الفرنسيّ الأصل، في دير سيمونوس بيترا: "إن حافظنا على الحياة في المسيح في داخلنا، لا تهمّنا الحروب. علينا المحافظة المستميتة على الإيمان والفكر الآبائيّ الذي لا بدّ من أن ينيرا طريقنا". وبشأن الهجرة المتزايدة، قال: "أفهم الذين يهاجرون، إذ عملهم هذا طبيعيّ (أي بحسب الطبيعة التي تخاف)، لكنّي أعظّم الذين يبقون لأنّهم يقومون بعمل مسيحيّ". أمّا الأب بارثينيوس، رئيس دير القدّيس بولس (ليس الرسول، بل مؤسّس الدير)، والذي يُعتبر من قامات الجبل المقدّس الروحيّة المميّزة، فقبل أن يستمع إلى اعترافي له "بالواسطة" (إذ تكرّم متروبوليت باريس أغناطيوس بالترجمة، إذ لا يتكلّم الأب بارثينيوس سوى اللغة اليونانيّة). كان جالسًا على كرسيه أمام مكتب مليء بالكتب والأوراق. أكاد أقول إنّ منظره الخارجيّ كان "مخيفًا"، لكنّه كان كلّيّ الإصغاء. فشعرت أنّه يقرأني، ويرى كلّ ما في داخلي. كان يصمت طويلاّ ثمّ يتكلّم بهدوء. لن أفصح عمّا سمعت، لكنّي شعرت هنا أيضًا أنّ صوته وما يقوله يأتيان من وجه الحقيقة الآخر، الوجه الوحيد الحقيقيّ. قيل لي إنّه يصلّي أثناء سماعه الاعتراف من أجل مَن يعترف ليُعطى له أن يتجاوز الخجل ويفصح عن حميع خطاياه. يمكن أن يصدمك مثل هذا التصرّف وهذه الأقوال لأوّل وهلة، لكن، أيمكننا، إن كنّا نريد حقًّا أن نتبع يسوع، أن نتصرّف بطريقة أخرى؟

لن اتكلّم هنا على مجريات الزيارة إذ يمكن لمَن يريد معرفتها أن يلجأ إلى صفحة البطريركيّة الإلكترونيّة التي نشرت تفاصيلها. سأكتفي بذكر الأمور التي لفتتني، وهي كثيرة.

اعتبرت جميع الأديرة الخمسة التي زارها غبطة البطريرك، إضافة إلى إسقيط تابع لإحداها وقلاّية القيامة التي أسّسها الأب إسحق (عطالله) اللبنانيّ، يوم الزيارة يومًا فصحيًّا. ففُرشت المداخل المؤدّية إلى الكنيسة والكنسية الرئيسة كلّها بالغار، وقُرعت الأجراس، وهُزّت "الثريّات"، واستُقبل غبطته من قبل رئيس الدير والكهنة اللابسين ثيابهم الكهنوتيّة والرهبان كافّة، بالشموع والبخور. أمّا في دير القدّيس بولس الذي ترهّب فيه البطريرك (وغيره من الأنطاكيّين) وحصل بعد سنتين من إقامته فيه على الإسكيم الرهبانيّ الكبير، فاستمرّ العيد طيلة وجودنا في الجبل، وأحطنا بضيافة رفيعة وانتباه مستمرّ ومحبّة غير مصطنعة. نظام الدير الصلاتيّ هو التالي: من الواحدة ليلاً حتّى الخامسة صباحًا: الساعات والسحر والقدّاس الإلهيّ، تليها وجبة الطعام (تكون أحيانًا الوجبة الوحيدة خلال اليوم بأكمله)، يتبعها العمل حتّى الرابعة، حيث تُقام صلاة الغروب، يليها وقت للتأمّل قبل أن يعود الرهبان فيجتمعون لإقامة صلاة النوم. قال لي أحده الرهبان: "إنّ الراهب يتعبّد لله ويشكره في كلّ وقت باسمه الخاصّ وباسم كلّ الذين لا يشكرونه". يُعتبر هذا الدير من الأديرة الآثوسيّة الكبيرة العشرين. تأسّس غالبًا في القرن العاشر. توجد فيه، إضافة إلى الكاثوليكون، أي الكنيسة الرئيسة، اثنتي عشرة كنيسة أخرى منتشرة داخل الدير أو خارجه. يناهز عدد رهبانه الخمسين، وتتبع له أساقيط وقلالٍ تضمّ نحو مئة راهب.

زرنا دير اللافرا الكبير الأوّل الذي أقيم في الجبل المقدّس. أسّسه القدّيس أثناسيوس الآثوسيّ في القرن العاشر. تسنّى لنا أن نتبارك بقطعة من الصليب الكريم وذخائر عدد من القدّيسين الموضوعة بمذخرات ذهبيّة أو فضّيّة غاية في الجمال. يضمّ الدير قرابة الخمسين راهبًا في داخل الأسوار وما يزيد على ثلاثمائة راهب في الأساقيط والقلالي التابعة له.

أمّا دير فاتوبيذي الذي زرناه أيضًا فهو أكبر أديار الجبل مساحة، إذ يشبه قرية صغيرة. أُسّس أيضًا في القرن العاشر، ويحتفظ في كنيسته الرئيسة بفسيفساء للشفاعة وللبشارة ولوالدة الإله غالبًا من القرن الحادي عشر، تشبه بعض الفسيفساء الموجودة في كنيسة آيا صوفيّا في القسطنطينيّة. هنا أيضًا تبرّكنا بذخائر القدّيسين وبزنّار العذراء الذي كان محفوظًا أوّلاً في دير البلاشيرنيس، ثمّ في كنيسة آيا صوفيا، في القسطنطينيّة. يوجد داخله الآن ما يقارب ماية وعشرين راهبًا، وما يوازيهم أو يزيد عليهم في القلالي التابعة له.

تأسّس دير إيفيرون أيضًا في القرن العاشر، وكان مخصّصًا آنذاك ولفترات طويلة للرهبان الجورجيّين. أمّا الآن فيسكنه يونانيّون وقبارصة مع بضعة رهبان أوروبّيّين. زرنا متحفه المنظّم بحسب الأسس المتحفيّة الأكثر حداثة، والذي يحتوي على أيقونات قديمة وتحف بيزنطيّة مختلفة. كما قمنا بزيارة إسقيط البورازيري حيث ترهّب السيّد بولس متروبوليت حلب، والذي يضمّ ما يزيد على ستّين راهبًا.

أمّا الدير الأخير الذي زرناه فكان دير سيمونوس بيترا الذي هو ثاني أصغر دير في الجبل المقدّس. تأسّس في منتصف القرن الثالث عشر، لكنّه حُرق مرارًا. يقطنه اليوم رهبان من مختلف الجنسيّات غالبًا ذات ثقافة عالية. سألني بغته رئيسه الأب أليشع عن رأيي في الجبل، فقلت له: أوّلا ّ أشكر الله على وجودكم، إذ يشعر الإنسان في الجبل أنّه يتنفّس بسهوله كبرى.

أقام غبطة البطريرك صلاة التريصاجيون عند قبر الأب إسحق (عطالله) الملاصق لقلاّيته المتواضعة التي نسك فيها عددًا من السنوات، وتتلمذ على الأب باييسيوس الشهير. أمّا رئيس القلاّية الحاليّ الذي كان قد ذاع صيته كثيرًا، وأخذ يأتي إليه الناس طالبين الإرشاد الروحيّ، فقد اختفى منذ سنتين ليستعيد حالة الهدوء في "صحراء" الجبل، حيث لا يُعرف مكان إقامته.

لا بدّ من وقت أطول لزيارة باقي أديرة الجبل المقدس وبعض قلاليه. أرجو أن تُعطى لي مجدّدًا نعمة زيارة ثانية.

تجدر الملاحظة أنّ كلّ الأديرة التي قمنا بزيارتها ناصعة النظافة والترتيب. تتميّز خدمهم الطقسيّة بترتيل رائع، وجوّ من الخشوع والصلاة. تلفتك بشاشة الرهبان، وإن لم يكن لكم لغة مشتركة، تتفاهم معهم بالإشارات، وبخاصّة بتبادل النظرات. في الجبل كثير من الكنوز الطبيعيّة، والفنّيّة والثقافيّة. لكنّ أثمن كنز فيه هو في وجوه الرهبان وبصورة خاصّة بأعين بعضهم التي تشعّ نورًا وتكشف لك أعماقًا لا يُسبر غورها. فتجد نفسك تتحاور معهم عبرها وتتفاهم.

لدي الكثير لأقوله لكنّي سأكتفي بهذا القدر وبملاحظتين إضافيّتين:

في كلّ دير من أديرة الجبل المقدّس ورشة معماريّة حقيقيّة تدلّ على توسيع الأديرة لاستضافة مزيد من الرهبان والزائرين (الذين يزيد عددهم على خمسين ألفًا في السنة الواحدة). في السنة 1963، لمناسبة التعييد لألف سنة لتأسيس دير اللافرا الكبير، كان عدد الرهبان لا يزيد على خمسماية، وكان معظمهم من الشيوخ، إذ منعت الثورة السوفياتيّة والحرب العالميّة الأولى وتهجير اليونانيّين القصريّ من آسيا الصغرى إرسال رهبان من الشباب، وكان ينتظر بعض المتشائمين إخلاء الجبل من الرهبان وجعله متحفًا فريدًا للثقافة والروحانيّة البيزنطيّة، بعد أن كان عدد الرهبان في السنة 1912 يزيد على سبعة آلاف راهب، أكثر من نصفهم من الروس. لكن كانت النار مشتعلة تحد الرماد، إذ كان يعيش في القلالي النائية شيوخ، أمثال الأب يوسف الهدوئيّ (1898-1959) وتلاميذه، والأب أفرام من كاتوناكيا (1912-1988)، والأب بورفيريوس (1906-1991) والأب باييسيوس (1924-1994) وغيرهم، فأخذوا يستقطبون رويدًا رويدًا الشباب مجدّدًا. وكان يقطنه قدّيسون يسهرون أمثال القدّيس سلوان (1866-1938) وكثر غيره غير المعروفين. ثمّ أتى الجبل شباب مثقّفون بقيادة الأب إميليانوس الذي أعاد الحياة الجماعيّة إلى دير سيمونوس بيترا، وغيره لا يمكن ذكرهم هنا. الآن في الجبل المقدّس يزيد عدد من الرهبان على ألفي راهب. لا يمكن تحديد العدد بدقّة إذ يوجد كثير من النسّاك الذين يعيشون في "الصحراء"، في أمكنة وعرة لا طريق تؤدّي إليها. في عالم خسر مفهوم الأبوّة الحقيقيّة، يلتحق هؤلاء الشباب بأديرة الجبل سعيًا وراء أب روحيّ يدلّهم على طريق الأبديّة. في عالم نسى الله وعظّم الإنسان والمادّة إلى درجة فُقد معنى الحياة، وغرق كثيرون في وحدة مقلقة ويائسة، يأتي بعض الشباب إلى الجبل لتذوّق شركة وأخوّة حقيقيّتين.

كنّت آمل أن ألتقي في الجبل المقدّس "المتبالهين بالمسيح"، لكن لم يتسنّ لي أن ألتقي بأحدهم إلاّ في لحظة مغادرتنا الجبل. كان غبطته وصحبه يتّجهون نحو الباخرة، وإذ براهب رثّ الثياب، أشعث الشعر وقذِر "يهجم" نحو البطريرك صارخًا أشياء غير مفهومة. أوقفه أحد "الشرطة" المودّع، و"ردعه" بقسوة. فأعاد الكرّة ضاحكًا ومهرولاً. فدُفع ثانية، ولم يرتدع. تخيّل لي أنّ شعاعًا يتلألأ في عينيه. أكان ذلك خيالاً أو حقيقة؟ لا أدري. أكان هذا الرجل، المجنون في نظر الناس، مجنونًا بالحقيقة؟ أو كان يقلّد المجانين؟ لم أستطع الإجابة عن هذا السؤال، وبعد صعودي إلى الباخرة، سمعته يزداد صراخًا، ورأيت الناس تهزأ به. هذه كنت نظرتي الأخيرة إلى الجبل المقدّس. أكان ذلك لتذكيري بأنّ علينا أن نكون مجانين في نظر العالم ونكتسب حكمة المسيح؟

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المشاركات الشائعة