تحدّيات العالم الأرثوذكسي 4

 ريمون ر زق

النور - العدد الخامس 2020


النزعة الإكليركانيّة

العلاقات بين المؤمنين والإكليروس تشكلّ إحدى التحديّات المتناميّة التي تواجه الكنيسة الأرثوذكسيّة، وتُبعدها عن النموزج الإنجيلي. فإنّ المطّلع على واقع الجماعات الأرثوذكسيّة لا بدّ له أن يلاحظ تصاعدًا، في كلّ مكان تقريبًا، للنزعة الإكليركانيّة التي تفرّق المؤمنين إلى فئتين، وتدين بنظريّة "الكنيسة المعلّمة" و"الكنيسة المتعلّمة" التي كانت للكنيسة اللاتينيّة التي هي في طريقها إلى الزوال في الأوساط الكاثوليكيّة! أمّا في أوساطنا، فنلاحظ توجّه يحصر عمل العلمانيّين بالأمور "الماديّة" الدنيويّة وعمل الإكليركيّين بالأمور "الروحيّة"، بينما حصل كلاهم على سرّ مسحة الميرون الذي أقامهم جميعًا أعضاء متساوين في شعب الله وإخوة، وجعلهم مسؤولين معًا على كنيسة المسيح، ومؤهّلين للمشاركة الكاملة في حياتها.

الواقع في العهد الجديد

لا يوجد في العهد الجديد أيّ إشارة إلى ما تعنيه عبارة "علماني" اليوم لوصف فئة من المؤمنين. يسمّي الجميع "القدّيسين"[1]، أو "الإخوة"[2]، أو "التلاميذ"[3]، بدون أي تمييز بينهم. ويؤكّد مرارًا أنّهم متساون في الكرامة. ويذهب بولس الرسول إلى دعوتهم جميعًا "أهل بيت الله"[4] ويقول بطرس الرسول إنّهم جميعًا "شعب الله "[5]. ولا توجد في العهد الجديد، بالمقابل، أيّة إشارة إلى ما تعنيه اليوم عبارة "كاهن"، إلّا مطبّقة على يسوع المسيح وحده، "الكاهن العظيم على بيت الله"[6]. لكن يؤكّد بطرس الرسول على كهنوت شعب الله المقدّس أو الملوكيّ، بقوله، متوجّهًا إلى المسيحيّين: "أنتم... بيتًا روحيًّا، كهنوتًا مقدّسًا... جنس مختار وكهنوت ملوكي، أمّة مقدّسة، شعب اقتناء"[7]، كما تؤكّد ذلك رؤية يوحنّا[8]. فالكهنوت في العهد الجديد خلافًا للقديم مرتبط إذًا بالشعب كلّه. فالمسيح دشّن لنا طريقًا جديدًا يدخلنا وراءه إلى قدس الأقداس[9]، فنقرّب أجسادنا "ذبيحة حيّة مقدّسة مرضيّة عند الله"[10].

الواقع في الكنيسة الرسوليّة

تدلّ ممارسات الكنيسة الأولى أنّ كلّ واحد من أعضاء شعبها يسخِّر مواهبه المتنوّعة لخدمة تكامل الجسد الواحد[11]. ولا تمييز بين المواهب من ناحيّة الأهميّة، بل تعتبر أنّ جميعها ضروريّة لبناء الجسد. وجليّ أنّ بعض أعضاء الكنيسة، دون غيرهم، أُقيموا لترأس عبادتها والسهر على إيمانها ووحدتها، يسمّيهم رسول الأمم "الذين يتعبون بينكم"[12]. يُدعى هؤلاء "مراقبين"[13] أو "شيوخ"[14]، وليس "أساقفة" و"كهنة"، كما نجد في بعض الترجمات التي تُحمّل النصّ الكتابي دلالات لا يحملها. يعاونهم الشمامسة[15] في الخدمة. وكان يلعب الأنبياء دورًا أساسيًّا في الجماعات الأولى[16] إذ يؤمّنون الإرشاد الروحي ويسهرون على بقاء الجماعة في الرجاء الأخروي. يقول عنهم بولس الرسول إنّهم "يكلّمون الناس ببنيان ووعظ وتعزية"، ويُشير مرارًا إلى موهبتهم ويضعهم مباشرة بعد الرسل من جهة أهمّية رسالتهم[17]. وكان قد انقطع صوت أنبياء العهد القديم خلال العصور التي سبقت مجيء المسيح، فأعاد وبرز ضمن الجماعات التي آمنت به. وكانت هذه الجماعات مقتنعة أنّه إذا صمت صوت الأنبياء فيها تصبح مؤسّسة يسيطر عليها االنظام بدل الحياة الدفّاقة وتنتهي إلى فقدان نكهتها. وكان غيرهم من الإخوة، رجال ونساء، يساهم في عمل الكنيسة والخدمة. تدلّ أسماء معاونيّ بولس الكثيرة الواردة في رسائله[18]، على مساهمة معظم الإخوة في العمل البشاري أو من أجل تسهيله، مبيّنة أنّ "الرعاية" لم تكن"فرديّة" بل جماعيّة مشتركة بين أعضاء الكنيسة. وتنقل أعمال الرسل أحداث "مجمع أورشليم الرسولي"[19]، قائلة: "رأى الرسل والشيوخ مع كلّ الكنيسة"، وتورد، في مطلع الرسالة التي بعثها "المجمع" إلى الإخوة في أنطاكية، أنّ "الرسل والشيوخ والإخوة يُهدون السلام" إليهم، ويُطلعونهم على ما قرّروه "مع الروح القدس". فالجميع يشترك إذًا في أمور الكنيسة ويشارك في بلورة القرارات برئاسة الرسل أو مَن ينوب عنهم 

فلا يوجد إذًا في العهد الجديد وفي الكنيسة الرسوليّة أيّة تفرقة بين الإكليروس والعلمانيّين، إذ جميعهم إخوة تتكامل أدوارهم في الكنيسة بموجب مواهبهم. فهم جميعًا "علمانيّون"- laicos - لأنّهم أعضاء في شعب

الله - laos tou theou - ويشكّلون معًا "كهنوت الله". فالإكليركي يتلقّى بسيامته الكهنوتيّة نعمة خاصّة ليترأس صلاة الجماعة ويوزّع أسرارها ويسهر على إيمانها ووحدتها. لا يفعل ذلك إلّا بواسطة التفاعل مع أعضاء الشعب الآخرين، وجعلهم يساهمون في بناء جسد المسيح، الكنيسة، وتفعيل النعمة التي "رسمهم" إليها سرّ الميرون المقدّس، ليُعبّروا عن "آمين" البشريّة لعطيّة الله التي يستدعيها الإكليريكيّ. على كلّ منهم القيام بمسؤوليّته بطاعة كلّيّة لله والكنيسة وممارسة الطاعة المتبادلة بينهم. فتؤمّن هذه الطاعة، النابعة من المحبّة، الانسجام بينهم، وتجعلهم كيانًا واحدًا ينمو إلى ملء قامة المسيح. أمّا في حال عدم وجود الطاعة لله والسعي إلى قداسته، وافتقاد المحبّة الأخويّة، فتكون الطاعة مفروضة كطاعة من العالم، ويزول التناغم وتظهر التوتّرات.

كنيسة "الأمبراطوريّة"

بدأت هذه التجاوزات باكرًا جدًّا. بعد تهديم مدينة أورشليم في العام 135 على يد الرومان، أنضمّ إلى الكنيسة عدد من الكهنة اليهود واللاويّين، وساهموا في تحويل مفهومها للكهنوت الملوكي إلى مفهوم العهد القديم الكهنوتي، أيّ إلى حصر الكهنوت بمَن "يخدموا الهيكل". فصار عندنا "كهنة"، ومَن يرأسهم، "رئيس الكهنة"، مميّزون عن باقي الشعب، إسوة بالكهنوت اليهودي.

لكن لم يدعو المسيحيّون الأوائل[20] هؤلاء الكهنة ورؤسائهم "آباء" و"أسياد"، لكونهم كانوا لا يزالون يتذكّرون بقوّة كلام الربّ يسوع[21] المانع تلك التسميات. ولم يُدخلوا إلى القاموس الكنسي عبارة "العلمانيّين"، إلّا في منتصف القرن الثالث، حين طلبت الديداسكاليا[22] من "العلمانيّين" الخضوع الكلّي للأسقف، وتكريمه "كأب وسيّد وإله"[23]. وتعتبر أنّ "قوّة العلماني تكمن في خيرات هذا العالم"، وعليه أن يؤمّن "مخصّصات الإكليروس"، وأن "يُعطي فقط وعلى الأسقف التصرّف"[24]. وتدعو الأسقف "الوسيط بين الله والناس"، ناسية أنّه "يوجد... وسيط واحد بين الله والناس هو الإنسان يسوع المسيح"[25]. ونراها أيضًا تطلب من الأساقفة أن يعاملوا "العلمانيّين" "كما تفعل الدجاحة بالبيض قبل خروج فراخها منه"[26]. مع ذلك، لم تظهر نتائج هذا الكلام مليًّا في الحياة الكنسيّة آنذاك، لأنّ الاستشهاد الذي تعرّض له الجميع جعلهم يختبرون وحدتهم في الدم المهراق.

أمّا تقليص دور العلمانيّين، الذي سجّلته الديداسكاليا، فظهر علانية بعد "تنصير" الأمبراطوريّة الرومانيّة، وانتقال الكنيسة من كيان مضطهَد إلى "حزب الملك"، مع كلّ ما يقتضيه ذلك من تنازلات وتسويات. إذ ذّاك جلس الأساقفة على مائدة الأمبراطور، ما دفع معظمهم إلى التشبّه به. وكون الكهنة حظوا بامتيازات ضريبيّة وغيرها توازي ما كان يتحلّى به الكهنة الوثنيّون، جعل الكثيرين منهم ينخرطون في صفوف الإكليروس اتفادي الضرائب وبدون تأهيل. وزاد عدد الذين أنضمّوا إلى الكنيسة، ليس اقتناعًا، بل على قاعدة أنّ الشعوب تدين بدين ملوكها. فلا بدّ أن كلّ ذلك أبثّر على عدد من الأساقفة، وجعلهم، بوعي أو بدون وعي، ينتقلون من مكانة "الأخ الأوّل" التي كانوا يحتلّونها في الجماعات الإفخارستيّة القديمة، إلى مكانة "أسياد" تلك الجماعات. ولم تعد تمثّل هذه الجماعات وحدات عائليّة متحابّة تجتمع في البيوت الخاصّة، أو في كنائس صغيرة متواضعة، بل أضحت تجمع كثيرين لا يعرفون بعضهم البعض ولا يتحابّون ضرورة. واعتبر معظمهم أنّهم يؤمّون الاجتماع الافخارستي لتلبية "فرض" العبادة، وليس لتكوين الكنيسة وتجسيد المحبّة.

يعتبر أحد الباحثين المعاصرين أنّ الكنيسة خسرت، بتقبّلها هذه الأعداد الكبيرة، بعض مكوّناتها، وتأثّرت تدريجيًّا بالعادات الوثنيّة. ويقول: "كان يبدو أنّ الوثنيّة غُلبت، بينما كانت بالفعل هي التي غلبت، إذ سادت روحها في الكنيسة. ومع أنّ شعوبًا بأكملها وضعت نفسها تحت الراية المسيحيّة، لكنّها بقيت رغم ذلك، وثنيّة بمسلكها وذوقها وآرائها"[27]. إذا صحّ هذا القول، ولا بدّ أنّ فيه قسطًا من الحقيقة، يكون قسطنطين الكبير أساء إلى الكنيسة قدر ما أفادها.

اعتراضات على الواقع الجديد

احتجّ على الوضع الجديد عدد من المسيحيّين وأصرّوا على عيش خبرة الأخوّة التي نشأوا عليها، فخرجوا من الرعايا الجديدة، وانضمّوا إلى الرهبانيّات الناشئة، التي مثّلت، قبل أن يتمأسّس بعضها، نموزج الإنسان الإنجيلي القيامي. وارتفعت بعض الأصوات اعتراضًا داخل الرعايا. نرى ترتليانوس يؤكّد أنّ "سلطة بطرس في غفران الخطايا هي ملك الرجال الروحانيّين الذي يمثّلهم بطرس، أي الرسل والأنبياء. لأنّ الكنيسة يكوّنها الروح قبل أيّ شيء آخر... فتغفر الكنيسة الخطايا بواسطة الروح الفاعل في الرجال الروحانيّين، وليس بواسطة "الكنيسة"[28]، كما يفهمها البعض أنّها الجسم الأسقفي"[29]. ويضيف، مشدّدًا على وحدة حال الكهنة والعلمانيّين، ويذهب إلى القول: "نكون من الجهّال إذا اعتبرنا أنّ ما هو ممنوع على الكهنة مسموح للعلمانيّين. أليس العلمانيّين كهنة؟ قد كُتب"جعلنا ملكوتًا وكهنة الله أبيه" (الرؤيا 1: 6). فالفرق بين الإكليروس والشعب هو ناتج عن قرار للكنيسة اتّخذه اجتماع الإكليروس (أي الأسقف والشيوخ)"[30]. من دون الوصول إلى مثل هذه المواقف "المتطرّفة"، اعتبر اقليموس الاسكندري وأوريجانِّس من واجبهما تقييم مكانة "الإكليروس" الناشىء ومقارنتها بالمستوى الروحي كما يفهمانه. فنرى أوريجانِّس يشتكي من تقهقر عدد المؤمنين الحقيقيّين رغم تزايد عدد المسيحيّين، ويتذكّر بأسى زمن الشهداء الأوائل وحرارة إيمان الجماعة المسيحيّة الأولى، قائلاً: "آنذاك كان عدد المؤمنين قليلاً، لكن كانوا مؤمنون حقيقيّون يتبعون الطريق الضيّق المؤدّي إلى الحياة. أمّا الآن فكثرعددهم لكن لا يوجد بينهم كثير من المختارين"[31]. ويقارن بين الكنيسة الطاهرة التي "لا دنس فيها ولا خضن"[32]، والكنيسة "الواقعيّة" التي يعايشها، مضيفًا أنّ "أيًّا كان يمكنه ترأس الخدمة أمام الشعب، لكن قلّة من الناس، القدّيسة بتصرّفاتها والقائمة في الحكمة، جديرة بإعلان حقيقة الأمور وتلقين الإيمان"[33].

لكن استمر الإنزلاق

لكن لم تمنع هذه الأصوات المعترضة المنبّهة معظم الرئاسات الكنسيّة من الاستمرار بالنهج الجديد، وتشجيع العلاقة بين الكنيسة والدولة أحيانًا على حساب نقاوة الرسالة. فنراهم يدعون قسطنطين الكبير "الأسقف من الخارج"، و"ثالث عشر الرسل القدّيسين"، ويُدرجونه في مصفّ القدّيسين. وأتّصف كثير من الأساقفة بأخلاق العالم، وممارساته السلطويّة الملتوية. مَن يطّلع على تفاصيل المجامع مثلًا، التي انعقدت بين القرن الرابع والقرن السادس، لا بدّ من أن يتعثّر، أمام العنف الكلامي وأحيانًا الجسدي والاتّهامات المتبادلة والكراهيّة والتحزّبات والتزلّف تجاه الإرادة الأمبراطوريّة الذين سادوا معظمها. رغم ذلك كلّه، تدخّل الروح القدس وأمّن الوصول إلى بلورة الإيمان القويم. والغريب الغريب، أنّ أعضاءها لم يستطيعوا، أو لم يُريدوا فعلًا، تقديم التنازلات وتبدية المحبّة على المصلحة القوميّة لرأب الانشقاقات[34] التي مزّقت شرقنا، خاصّة عقب المجمع الخلقيدوني المسكوني الرابع. يتساءل المرء كيف لم يتوصّلوا للاتّفاقات والتفاهم العقائدي التي وصلت إليها الحوارات اللاهوتيّة الحديثة[35].

موقف الآباء

لم يقف الآباء متفرّجون على هذا الانزلاق في الممارسة الكنسيّة، بل ناضلوا للحفاظ على علاقة سويّة مع رعاياهم. وقد عبّر المغبوط أوغسطين عن آراء كبار آباء القرن الرابع، عندما توجّه إلى "شعبه" (أي شعب الله) واصفًا العلاقة بين "الأسقف-المراقب" والرعيّة، وقائلًا: "أنا أسقفكم، لكنّي مجرّد مسيحي مثلكم. الأسقفيّة مسؤوليّة مُنحت لي. أمّا صفة المسيحيّة فهي النعمة التي مُنحت إلينا جميعًا. نحن الأساقفة خدّامكم ومرافقوكم في آن، رؤساء ومرؤوسون. نسير أمامكم بقدر مساهمتنا في خيركم. إنّ لم نتصرّف هكذا، لسنا أساقفة، بل نحمل الإسم وحسب"[36].

ولم يتأخّر آخرون عن انتقاد هذه الأوضاع. فنرى القدّيس أثناسيوس الكبير يشجب ما سمعه من قسطنطين الكبير القائل: "على الكنيسة أن تعتبر ما أريده قانونًا لها"[37]. أمّا القدّيس غريغوريوس اللاهوتي، فينتقد، في المجمع المسكوني الثاني، الأساقفة الميّالين إلى الوجاهة والترَف، قائلًا: "رُبّما يلوموني لأنّه ليس عندي مائدة غنيّة بالمأكل، ولا ثياب لائقة بالرتبة، ولا أبّهة في المظهر، ولا عظمة في الوجاهة والتصرّف. لم أكن أعلم أنّه على الأسقف أن يعاشر القناصل والولاة وقادة العسكر وكلّ مَن لا يعرف أين يبذّر غناه. لم أعلم أنّه كان ينبغي لي أن أعيش في الترف من مقتنى المساكين"[38]. وكتب لاحقًا، مستذكرًا الجوّ الذي ساد "مشاحنات" هذا المجمع، أنّه كان مؤلّفًا من "عصابة كبيرة من المتاجرين بالمسيح"، وأنّ الفوضى كانت ميزة جلساته الأولى، لأنّه لم يخضع لأيّ نظام سوى "سلطان العدد".

وتذمّر بعض الآباء من واقع الذي آلت إليه أوضاع الكهنة الروحيّة، ودعوا إلى التشدّد في قبول المتقدّمين للكهنوت. يقول باسيليوس الكبير في هذا الصدد، في إحدى رسائله الموجّهة إلى خورأساقفته[39]: "بعدم رجوعكم إليّ، أدخلتم إلى الكنيسة كهنة وشمامسة غير مستحقّين، وذلك من أجل تلبية أهوائكم، بدون تفحّص لحياتهم... لذلك، لا يوجد بينهم الآن، رغم كثرة عددهم، واحد يستحقّ خدمة الهيكل"[40]. ويؤنّبهم في رسالة أخرى[41]، لأنّ "بعضهم يقبلون المال من الذين يرسمونهم". ويقول إنّ كثيرًا من القيّمين على الكنيسة انتموا إلى الكهنوت "خوفًا من التجنيد"[42]. وكان المجمع النيقاوي قد توقّف أيضًا عند ظاهرة الكهنة غير المستحقين، وشرّع قائلًا: "إذا رُقّي البعض إلى الكهنوت بدون الفحص اللازم... ونالوا السيامة خلافًا للقانون، فالشرع الكنسي لا يعترف بهم، وتُعتبر سيامتهم باطلة، لأنّ الكنيسة الجامعة إنّما تطلب مَن كان بلا عيب"[43].

 

تقليص دور الأنبياء والمعلّمين وباقي فئات الشعب

حصر المواهب في الأسقف

تبيّن بعض النصوص القانونيّة[44] كيف أنقص الأساقفة تدريجيًّا من دور الأنبياء والمعلّمين والقرّاء والقيّمين على باقي الخدمات الكنسيّة، وحصروها بأشخاصهم، أو كلّفوا الكهنة (الذين حلّوا مكان الشيوخ) أو الشمامسة ببعضها. وتؤكّد القوانين الرسوليّة[45] هذا الواقع الجديد، قائلة للأساقفة: "كونوا أنتم تجاه العلمانيّين أنبياء ورؤساء ومدبّرين وملوكًا ووسطاء مع الله ومعلّمين ومبشّرين بالكلمة وحافظين الكتب المقدّسة وكلام الله وشهودًا لمشيئته"[46]. وتقول أيضًا، متوجّهة إلى العلمانيّين، إنّ الأسقف "هو بعد الله، إلهكم على الأرض، ويحقّ له من طرفكم كلّ احترام... وتقدير والكرامة نفسها التي تُؤدّى لله"[47]. من هنا درجت عادة تبخير الأسقف أوّلًا في كلّ خدمة كنسيّة، وحتّى قبل أيقونات السيّد ووالدته والقدّيسين! ويُبخّر في حضوره تسع مرّات، ويُبخّر "عرشه"، أوّلًا أيضًا، ثلاث مرّات في غيابه! كما درج غالبًا في تلك الحقبة إطلاق ألقاب "السيّد" على الأساقفة، خلافًا لطلب الربّ، ونعتهم بالقُدسيّة والسيادة وشتّى تعابير السموّ.

منع اشتراك الشعب بانتخاب أسقفه

وتوقّف أيضًا في هذه الحقبة تقليد مشاركة الشعب في اختيار أسقفه. .يذكر مجمعا أنقيرة[48] وأنطاكية[49] حالات عدم قبول الشعب لأساقفة منتخبين بدون استشارته، ما يشيرإلى أنّ تقليد اشتراك الشعب بانتخاب الأسقف كان لا يزال حيًّا لدى الشعب في أيّام انعقادهما، رغم تجاهله من قبل بعض الأساقفة. ولم يأتي المجمع النيقاوي الأوّل أبدًا على ذكر العلمانيّين في انتخاب الأساقفة، ما جعل البعض يعتبرون أنّ هذا الصمت يعني عدم مشاركتهم. وذهب مجمع لاوديكيا إلى نبذ التقليد القديم كلّيًّا بقوله الواضح إنّ "مَن اختاره الشعب غير مقبول، لا يُقبل ولا يُنتخب"[50].

 

التمييز بين "المكرّس" و"الدنيوي"

وبرز قبيل أواخر الألفيّة الأولى تيّار لاهوتي[51] دعا إلى التمييز بين "المقدّس" و"العامّي"، وبين "الروحي" و"المادي" أو "الجسدي"، وبين "المكرّس" و"الدنيويّ". وقد أثّر على وتزامن مع انتشار إعطاء المناولة بواسطة الملعقة بدل اليدين بسبب الرهبة الواجبة أمام القدسات وعدم لمسها من قبل العلمانيّين يعتبرهم "غير المكرّسين"، أي غير الحاصلين على سرّ الكهنوت. بينما بقي التقليد القديم ساريًا المفعول بالنسبة إلى الكهنة "المكرّسين والوسطاء بين الله والشعب". تناست هذه العقليّة أنّ جميع أعضاء شعب الله هم "قدّيسون"، لأنّهم "مُسحوا من الله القدّوس"[52]. وقد أدخلت هذه العقليّة "المتزمّتة" الكثير من التغيّيرات في الحياة الكنسيّة، نذكر من بينها رفع جدار الإيقونوسطاس الفاصل بين الشعب "الأرضي" والإكليروس "السماويّ"، ومنع العاميّين من دخول الهيكل، وتُليت صلوات تكريس القدسات "سرّيًّا" كي لا يسمعها الشعب، ومنع من لمس الكتاب المقدّس أو حتّى قرائته في بعض الأمكنة، كما مُنعت سيامة المتزوّجين إلى الرتبة الأسقفيّة. حوّلت كلّ هذه الإجراءات وغيرها "جماعة الإخوة" إلى فئتين، واحدة تُعلِّم و"تُقدّس" وأخرى تتعلَّم وتطيع. وأدخلت مقاربات جديدة حوّلت روح البنوّة الواثقة بالله والمبنيّة على محبّته ومحبّة الإخوة المتبادلة والمشاركة في المواهب الذي تميّزت به الجماعات المسيحيّة الأولى، إلى مفاهيم السلطة والطاعة والخشية من الدينونة ومن الآخر.

"أمّا المعزّي، الروح القدس، فهو... يذكّركم بكلّ ما قلته لكم"[53]

ولأنّ "أبواب الجحيم لن تقوى عليها"[54]، استمرّت الكنيسة، رغم كلّ هذه الانحرافات، حاملة الفكر الإنجيلي، بنعمة مجّانيّة من لدن الروح القدس الذي يُحيي ليتورجيّتها ويُلهم كبار آبائها. علينا اليوم، تفاعلًا مع هذه النعمة الإلهيّة أن نسعى لاسترجاع ما يمكن استرجاعه من حياة الكنيسة الأولى، علّنا نترك للأجيال الآتية إمكانيّات نهضويّة، متناسين التقاليد البشريّة التي يعتبرها البعض "مقدّسة"، لنعود إلى نقاوة التقليد الشريف. وقد سعى إلى ذلك كثيرون عبر الأجيال، فاستنارت الجماعات المسيحيّة في أيّامهم بالنور الإلهي وحامليه من القدّيسين، لكن لم تزول العثرات إذ لم يكن ممكنّا دائمًا من إحياء "أخويّة" الأوّلين. فتفاقمت الأوضاع أحيانًا باتّجاه تسلّط الرؤساء وتخاذل المرئوسين.

الأوضاع الراهنة

يخطر في بالي ما قاله، في السنة 1982، أحد كبار الأساقفة الأرثوذكسيّين[55]، في عظة ألقاها في القدّاس الختامي لأحد المؤتمرات الأرثوذكسيّة العامّة. قال، متوجّهًا إلى علمانيّي الكنيسة: "لقد اكتشفنا أنّكم موجودون، ليس فقط كمجموعة من الناس الأتقياء، بل كمكوّن لملء الكنيسة...  فلا بدّ من استغفاركم على كلّ ما مضى من تصرّفات تقزّمكم، والدخول في حوار معكم،... في كلّ مكان وعلى كلّ الأصعدة"[56]. أثار هذا الكلام آمالًا كبيرة في نفس الكثيرين، وانتظرت أجيال أن تتحسّن علاقات المشاركة بين الإكليروس والشعب في الكنيسة الأرثوذكسيّة. لكن ما عدا مبادرات يتيمة، هنا وهناك، فلم يتغيّر الكثير، وبقي الشعب التقي عامّة "قطيعًا" يسيّر، لا يُسأل رأيه، وإذا سُئل لا يؤخذ به، بل يُطلب منه أن يطيع إذا ابتغى "ملكوت الله". أمّا "غير الأتقياء" وهم الأكثريّة فيتباعدون عن الكنيسة باطّراد، إذ لم يشهدوا أي حوار حقيقي وتشاور. فبقيت كنيستنا، في عدد من أمورها، تخالف لاهوتها الأصيل ولا تُفدم على الإصلاحات الضروريّة لتعود إلى ينابيعها، وتجعل الإنجيل ولاهوتنا المبني عليه يسوسان علاقاتنا بعضنا ببعض.

ما يجب إصلاحه

* ثمّة أفكار مغلوطة تنمّي التوتّر في واقع الحياة الكنسيّة. من بينها تطبيق مبدأء الديموقراتيّة على الكنيسة، وهو لا يتجانس معها أبدًا، لأنّها ليست مجرّد كيان إنسانيّ، ولا يقودها "الناس من أجل الناس"، بل يقودها الله نفسه من أجل إحقاق الحقّ على الأرض والخلاص في ملكوته. فلا يخضع كيان الكنيسة وعقيدتها وليتورجيّتها ومناقبيّتها لتصويت الأكثريّة، إذ كلّ هذه معطاة من الله، وعلى الإكليركيّ والعلمانيّ التقيّد بها على حدّ سواء.

* ومن النظريّات المغلوطة أيضًا أنّ الإكليروس له سلطة ولا يخضع لأيّ مرجعيّة، لا يشارك الناس، ولا يقدّم حسابًا لأحد. يجعل مثل هذا الاعتقاد من أبناء الله الأحرار عبيدًا لا يُطلب منهم سوى طاعة الرؤساء وتأمين عيشهم. والله بنفسه قال: "لا أعود أُسمّيكم عبيدًا لأنّ العبد لا يعلم ما يعمل سيّده، لكنّي سمّيتكم أحبّاء لأنّي أعلمتكم بكلّ ما سمعته من أبي"[57]. فالحفاظ على الحقيقة والاهتمام بالكنيسة والتبشير وأعمال الرحمة هموم مشتركة بين أبناء الكنيسة. فلا طاعة عمياء بينهم ولا ديموقراتيّة، بل طاعة متبادلة وقبول حرّ، محبّ وفرِح لكلّ ما يؤدّي إلى المحبّة الإلهيّة والخلاص.

* تعكّر نظريّة أخرى صفو العلاقة بين الإكليريكيّ والعلماني، تكمن في التضاد الخاطئ بين "الروحيّ" و"الماديّ"، الذي تعتبر أنّ الإكليريكيّ يهتمّ بالروحانيّات والعلمانيّ بالماديّات، بينما كلّ شيء في الكنيسة هو روحيّ وماديّ في آن. نُساهم ماديًّا في بناء بيت الكنيسة، لكن هدف البناء هو روحيّ. نجمع المال من أجل خدمة إخوة المسيح وبنيان الجسد. نتناول خبزًا وخمرًا استحالا إلى جسد الربّ ودمه الكريمين. القول إنّ العلمانيّين يهتمّون فقط بالأمور الماديّة هو إهانة لهم كونهم أبناء الله العلي. فالتباين أو التنافس بين "الروحيّ" و"الماديّ" بدعة حقيقيّة علينا العمل على إبسالها.

* ومن النظريّات الخاطئة أيضًا ما يعتقد به بعض العلمانيّين، أنّهم "يشترون" الإكليريكيّ كونهم "يدفعون" للحصول على خدماته الأسراريّة. يكمن الخطر الداهم تحت هذا المفهوم وواقع "البطرشيل" المرتبط به، أنّ الإنسان قد يعتبر أنّ بإمكانه "شراء" النعمة أو الخلاص، كما اعتقد طويلا أهل الغرب بواسطة "البراءات" البابويّة[58]. الواقع أنّ على الخادم أن يعيش من خدمته، كما يقول بولس الرسول. لكن لا بدّ من تقليص العلاقات الماليّة بين الإكليريكيّ والعلمانيّ لتفادي انتشار هذا المفهوم الخاطئ، وذلك بواسطة نظام مساهمات منتظمة للرعيّة تؤمّن معيشة الكاهن وعائلته ونشاطات الرعيّة وخدماتها.

* لا حاجة للتبسّط بعاهة الانفراديّة والتسلّط التي تتّسم بها أوساط الكنسيّة الأرثوذكسيّة عامّة. ويعتقد كثيرون أنّ الوديع المتواضع يصبح سلطويًّا عندما يُمارس الأسقفيّة. أليست صفة القدسيّة والسيادة التي تُلصقان بالمطران، والتبخير المتواصل له في الخِدم، ومزايدات الناس في مديحه والتطييب على أقواله، هي كلّها المسؤولة لا شعوريًّا على بعض من تصرّفاته، أكثر من ميوله الشخصيّة؟ بما أنّ الكنيسة أخويّة تشاوريّة، مجمعيّة النهج، كما أرادها ربّها وعاشها الرسل والمسيحيّون الأوائل، تهدّد طبيعتها بالذات كلّ تجربة سلطويّة فيها، وتُفقدها فاعليّتها وتجعلها أقلّ إلهامًا لأبنائها وتأثيرًا على العالم[59]

* ثمّة مغالطات أخرى لا مجال لذكرها هنا، تعشعش في الأوساط الكنسيّة، إكليروسًا وعلمانيّين، يجب بترها من الجذور، ليعي الإكليركيّ والعلماني ّعلى حدّ سواء أنّهما إخوة متشاركين فعلاً في "ذبيحة التسبيح"، وعاملين معًا لبناء جسدهم المشترك الذي هو جسد المسيح. لا ينفع الاستمرار بتجاهل خطورة المشكلة العلائقيّة بين الإكليروس والعلمانيّين، واعتبار أنّ كلّ شيء على ما يُرام في الرؤية اللاهوتيّة الأرثوذكسيّة. كفانا تدغدغ بلاهوت لا نعيشه. إذا لم توضع خطّة عمليّة لتقويم الوضع الراهن، وتنمية وعي الإكليريكيّين والعلمانيّين معًا على ضرورة إحياء علاقتهم في ضوء متطلّبات الإنجيل، لا بدّ أن تتفاقم الأمور وتزيد الهوة. يجب اتّخاذ خطوات عمليّة لتخطيّ اعوجاجًا دام قرونًا، ولن ينتهي سريعًا.

هل من خطوات عمليّة؟

فعلينا المباشرة في التخطيط وترك النتائج إلى رحمة الفادي. تتطلّب هذه المعالجة أوّلًا مواقف روحيّة وأخلاقيّة تكمن في لجم أهواء كلّ أعضاء الكنيسة التي تُعيق انفاتحهم على بعضهم البعض، كامتناعهم الكلّيّ عن الأحكام والدينونة والتزانهم المحبّة والتسامح طريق حياة. أمّا الخطوات العمليّة الطويلة الأمد فيجب أن تنصب على الأمور التالية:

- التشديد في تعليمنا على لاهوت المواهب، والكهنوت الملوكي، والخلافة الرسوليّة التي هي خلافة جماعات رسوليّة يترأسها الأساقفة ولا خلافة أشخاص، والكفّ عن "تأليه" الأساقفة.

- الإحياء الليتورجي[60] ليعي الطرفان تكاملهما في إقامة الخِدم الإلهيّة. لا يجوز للكاهن أن يُقيم الذبيحة الإلهيّة في غياب العلمانيّين، إذ هم مشاركون له حقيقيّون في الخدمة، لا مستمعون، يبادلونه السلام وب"آمينهم" يساهمون في إتمام الخِدم.

- تنمية روح المجمعيّة على كلّ مستويات العمل الكنسي، لا سيّما بواسطة تعميم المجالس المشتركة بين الإكليريكيّين والعلمانيّين على كلّ صعد الحياة الكنسيّة، وإشراك العلمانيّين في مهام الكنيسة التبشيريّة والتعليميّة والاجتماعيّة والثقافيّة وغيرها. وإيجاد آلية تذكّر الأسقف أنّه يمثّل ضرورةً آراء رعيّته في اجتماعات المجمع المقدّس.

- التأكيد على أنّ "القدسات" هي "للقدّيسين"، أي إلى كلّ أعضاء الكنيسة، والتخفيف تاليًا من إطلاق صفة القداسة على فئة منهم دون سواها.

- مع البقاء على الاحترام الواجد للإكليريكيّين وشكرهم الدائم على خدماتهم، التوقّف تدريجيًّا عن استعمال الألقاب التي تشير إلى السيادة والفوقيّة، والتخفيف من تقبيل الأيادي أو عدم ممارسته إلّا عندما تقتضيه القامات الروحيّة المشعّة.

- الإقلاع عن كلّ ما يميّز ظاهريًّا الإكليركي عن العلماني، لأنّه يغذي الشعور بفرق "كياني". فالنتسائل لماذا بقي الإكليروس على لباس القرون الوسطى بينما يلبس العلماني ما يقتضيه عصره؟ ولماذا، رغم الرموز التي تُعطى لكلّ منها، يتسربل الأسقف لباس الأباطرة البيزنطيّين، ويرتدي تاجًا؟ أليس اللباس يغذّي لا شعوريًّا عند اللابس والناظر على حدّ سواء أفكارًا تشير إلى السلطة أكثر منها إلى الأخوّة؟

هذا بعض من كلّ. علينا التسابق جميعًا على الصلاة والتفكير لإيجاد سبل تجعل أعضاء كنيستنا "يحبّون بعضهم بعضًا"[61] على أرض الواقع، إذ بالمحبّة وحدها، كما يقول الربّ، "يعرف الجميع أنّكم تلاميذي"[62].



 [1]  رومية 1: 7، 1كورنثوس 1: 1 و7: 14، كولوسي 1: 22، 1 بطرس 1: 15وغيرها.

[2]  1تيموثاوس 1: 4، 1بطرس 2: 17 و3: 8.

[3]  أعمال 6: 1، 7: 7، 9: 1 و10: 9.

[4]  أفسس 2: 19.

[5]  1 بطرس 2: 10.

[6]  عبرانيّين 10: 20.

[7]  1 بطرس 2: 5 و9.

[8]  رؤية 1: 6.

 عبرانيّين 10: 19.[9]

[10]  رومية 12: 1.

[11]  راجع 1كورنثوس12: 7-11 و28-30، ورومية 12: 6-8.

[12]  1 تسالونيكي 5: 12.

[13]  Episcopis

[14]  Presbyteros

[15]  Diakonos

[16]  كان يوجد عدد من الأنبياء في كلّ جماعة مسيحيّة. راجع أعمال 11: 27، 28، 13: 1، 15: 32،ـ 19: 6، 21: 8 و10.

[17]  راجع رومية 12: 6، 1 كورنثوس 11: 4 و12: 28 و13: 2-8 و14: 1، أفسس 2: 20 و3: 5 و4: 11، 1 تسّالونيك 5: 20، 1 تيموثاوس 1: 18 و4: 14 وتيطس 1: 12.

[18]  يذكر نحو ثمانين إسمًا.

[19]  أعمال 15: 6-29.

[20]  في القرون الثلاثة الأولى.

[21]  متّى 23: 9-10.

[22]  هي مجموعة كنسيّة وُضعت في النصف الاوّل من القرن الثالث، غالبًا في سورية.

[23]  2: 20.

[24]  2، 26 و35.

[25]  1 تيموثاوس 2: 5.

[26]  2، 20، 2.

[27]  رامسيه مكميلان، المسيحيّة والوثنيّة من القرن الرابع إلى القرن الثامن، منشورات "ليه بيل لِتر"، باريس، 1988.

[28]  أي المؤسّسة في الكنيسة.

[29]  المرجع عينه، 21: 7-17.

[30]  الحثّ على العفّة، 7.

  العظة حول إرميا، 4: 3. [31]

[32]  أفسس 5: 27.

[33]  العظة حول سِفلا اللاويّين، 6: 6.

[34]  وجميعها في الكرسي الأنطاكي، أوّلًا مع كنيسة الشرق ثمّ مع "غير الخلقيدونيّين" من الكنائس الأرثوذكسيّة الشرقيّة (السريان والأقباط والأحباش والأرمن).

[35]  راجع البيانات الصادرة عن الكنائس الخلقيدونيّة وغير الخلقيدونيّة وكنيسة الشرق التي تُعلن جميعها وحدة الإيمان لكن بتعابير مختلفة.

[36]  العظة 32.

[37]  في تاريخ الآريوسيّين، 33.

[38] الباترولوجيا اليونانيّة، 37: 1140-1156.

[39]  أساقفة القرى.

[40]  الرسالة 54.

[41]  الرسالة 53.

[42]  الرسالة 54.

 القانون التاسع.[43]

[44]  مثلا النصوص الإقليمنسيّة، التي هي نصوص منحولة وُضعت غالبًا في القسم الأوّل من القرن الثالث، وقد ضمّت نصوصًا ذات نمط مسيحيّ يهوديّ من أواخر القرن الثاني.

[45]  مجموعة قانونيّة وليتورجيّة وُضعت غالبًا في سورية السنة 380.

[46]  البند 7 من الفقرة 25 من الكتاب الثاني.

[47]  االبند 4 من الفقرة 26 من الكتاب الثاني.

[48]  انعقد السنة 314، القانون 18.

[49]  انعقد نحو السنة330-332، القانون 18.

[50]  انعقد  السنة 364، القانون 13.

[51]  بدأت هذه النزعة الفكريّة فعلًا مع التأثير الكبير الذي أحدثته منذ القرن السادس أعمال ديونيسيوس الآريوباجي المنحول ذات الطابع الأفلاطوني الجديد والتي أعطت تبريرًا "مساريًّا" لتنظيم الجماعة المسيحيّة إلى فئات، تحظى الفئة العليا فيها بالقربى من الإلهيّات والفئة الدُنيا تصل إليها، إن وصلت، بواسطة الفئّة العليا.

[52]  2 كورنثوس 1: 21.

[53]  يوحنّا 14: 26.

[54]  متّى 16: 18.

[55]  ميليتون، متروبوليت خلقيدونية (1913-1989).

[56]  مذكور في نشرة سوب، الملف 71، 1982.

[57]  يوحنّا 15: 15.

[58]  كانت وثائق تعطيها الدوائر البابوية في القرون الوسطى مقابل المال، و"تؤمّن" تقصير مدّة "القصاص" الواجب على الخاطىء، وكانت من أسباب انطلاقة حركة الإصلاح البروتستانتي.

[59]  لمَن يريد التبسّط في موضوع التسلّط، مراجعة مقال "هل نحن أمام مشهد كنيسة تتفتّت"، مجلّة النور، العدد الثامن، 2019، ص. 401-408.

[60]  راجع تحديّات الأرثوذكسيّة 2، ريمون رزق، مجلّة النور،

[61]  يوحنّا 15: 12.

[62]  يوحنّا 13: 35.

المشاركات الشائعة