تقرير الأمين العام الى المؤتمر الثالث عشر 1972

ريمون رزق


 أ:     مقدمة:

إذا رجعتم إلى تقريري في المؤتمر الثاني عشر لاحظتم أنني وقتئذ حدّدت ظواهر الضعف في الحركة في خمس صعد ألا وهي:

1-  تقهقر حياة الصلاة والخوف من مغامرة القداسة.

2-  تضعضع الوحدة الحركيّة داخل كلّ مركز وبين المراكز بعضها البعض والأمانة العامة.

3-  هزالة البرامج والتوجيه.

4-  إنكماشية وإنعزال.

5-  فوضى كلّية في الوضع المالي والمؤسسات ذات الطابع التجاري التابعة للحركة.

وقد تباحثنا في جلسات المؤتمر الثاني عشر في هذه الظواهر وخطّطنا من أجل إخراج الحركة من وضعها المتأزّم وإعادة النفحة الأولى والحماس إلى سائر أعضائها. والآن وقد مضى ما يقارب السنتين على هذه القرارات وبعد أن رجع كل منّا إلى مركزه جدير بنا أن ننظر إذا سعت الحركة حقًّا في هذه البرهة من الزمن أن تتحرّك وما هو وضعها اليوم.

ب‌- الوضع الكنسي:

ولكن قبل الدخول بهذا البحث من المستحسن أن نتذكّر الأحداث الأكثر أهمية التي جرت في الكنيسة في هذه البرهة نفسها فنلاحظ:

-       أنّه تم إنتخاب صاحب الغبطة الياس الرابع في جو من الحماس وإنتظار دخول كنيسة أنطاكية في حقبة جديدة نيّرة من تاريخها.

-       أن الكنيسة الأنطاكية على صعيد بطريركها ومجمعها المقدس تبتدئ ببطء في تنظيم أوضاعها وإن صعوبات كبيرة تقف أمام ترجمة النهضة في الأنظمة والمؤسسات ذلك لأن الشعب الأرثوذكسي غير مهيأ لقبول تغيّرات جذرية ولأنه لا يزال يوجد في بعض الأوساط الإكليريكية والعلمانية أناس لهم مصالحهم الشخصية أو السياسية يناهضون كل خطوة إلى الأمام.

-       إن المطارنة الجدد يتمركزون في أبرشياتهم ويبدأ بعضهم تخطيطًا رصينًا سوف لا يظهر نتائجه الحسية قبل سنوات نظرًا لمستوى المؤمنين والفوضى التي ورثوها في الأوضاع المالية والإدارية. وعلى هذا الصعيد تساهم اللجنة المجمعية للإدارة مساهمة فعّالة في الإحصاء الذي تقوم به للأراضي الزراعية والأوقاف المختلفة.

-       أنه في كل هذه المجاولات ينقص جهدًا إعلاميًّا يضع في متناول الشعب التساؤلات والمشاكل التي يتباحثها بعض من المطارنة.

-       أن بعض المطارنة الجدد يسيرون على خطى أسلافهم في ما يختصّ بالطلاق وتجاوز بعض الأنظمة وما إليه من أمور شاذّة.

-       المطرانَين المنشقَّين لا يزالان على إنشقاقهما ولا تظهر أي بادرة من غبطة البطريرك أو المجمع المقدّس لإزالة هذا الوضع الشاذ.

-       جبرائيل فضول وجورج الحاج يمارسان الأسقفية دون أي رادع وأسرار الله المقدسة تُعطى زورًا للشعب ولا يتحرّك لهذا الوضع المؤلم ضمير الكنيسة.

-       النظام الأساسي الذي وضعه المجمع في جلسته الأخيرة يعتبر فتحًا إذ يعطي الكنيسة لأول مرة في تاريخها الحديث نظامًا ملائمًا للتقيد الأرثوذكسي. يعطى الكاهن والعلماني حقه، يدخل مبدأ الرعية ولجنة الرعية (التي أقريناها كنواة عملنا الرعائي) وأمورًا كثيرة أخرى على غاية من الأهمية.

-       لقد إفتتح رسميًّا معهد البلمند هذا المعهد الذي تضع فيه كنيسة أنطاكية آمالاً كبار من أجل تربية رعيل جديد من الكهنة المثقفين الذي نفتقد وهي الآن بأشدّ الحاجة إليهم.

-       هذا على الصعيد الداخلي أما على الصعيد الخارجي تحرّكت أنطاكية فزار غبطته عددًا من البطاركة الأرثوذكس وينوي في المستقبل القريب أن يتابع هذه الزيارات رغبة منه في المساهمة في حلّ المشاكل الصعبة التي تتخبّط بها الأرثوذكسية العالمية اليوم.

-       وعلى صعيد الوحدة الشرقية تحرّكت أيضًا أنطاكية إذ دعت في أوائل 1972 في البلمند إلى لقاء تاريخي مع الكنائس الشرقية لتدارس إمكانية وأساليب تحقيق الوحدة فيما بينها.

-       على الصعيد الوطني بقيت كنيسة أنطاكية مهتمّة في نضال الشعب الفلسطيني فساهم بعض أحبارها في إجتماعات ولقاءات عديدة من أجل هذا الغرض كما دعى بطريركها بالإشتراك مع سائر البطاركة المسيحيّين في سوريا الضمير العالمي للإهتمام بقضية القدس والشعب الفلسطيني.

بالإختصار يمكن القول أنه بالرغم من البطء في التخطيط وفرض هيبة القانون والإنضباط الكنسي يلاحظ المرء أن كنيسة أنطاكية تتحرّك نحو ربّها لذلك ينظر إليها العالم الأرثوذكسي كمصدر ممكن لكلمة الرب وكمرجع ربما يعطى له أن يساهم مساهمة فعّالة في الحوار الأرثوذكسي العالمي.

ج- الحركة:

أما أين هي الحركة من هذه المسيرة؟ سأحاول أن أضع أمامكم أهم مظاهر الحياة الحركية على مختلف مستويات الوجود الحركي ثم نذهب سويًّا في تقييم هذه المظاهر والبحث عن أسباب الهفوات والأخطاء وأحسن أساليب الوصول إلى خدمة الرب في هذه الديار على أفضل وجه.

1-  الوضع الإداري

·        النظام الجديد والإنتخابات

1)    سعت المراكز اللبنانية عامّة أن تطبّق النظام الجديد فتقسمت إلى فروع مختلفة وأجرت إنتخابات رئاسات الفروع ورئاسة المركز على النحو المنصوص عليه في أنظمة المؤتمر الأخير.

-       فتقسم مركز بيروت إلى الفروع التالية: الأشرفية، رأس بيروت، المصيطبة، عين داره، وادي شحرور، القصيبة، بتغرين، مع عدد من فروع ناشئة. وإنتخب الأخ نهاد طرزي رئيسًا للمركز.

-       كذلك تقسم مركز طرابلس إلى الفروع التالية: طرابلس البلدة، طرابلس الميناء، كفرعقا، أميون، كوسبا، كفرصارون، بشمزين، بطرام، دوما، المنية، مع عدد من الفروع الناشئة، وقد انتخب الأخ جورج نحاس رئيسًا للحركة.

2)    أما بما يتخص بالمراكز السورية فلم يظهر أي إستعداد عملي لإتباع النظام الجديد ما عدا في طرطوس وذلك لأسباب عديدة أرجو أن يتاح لنا أن نتداول بها في هذا المؤتمر.

-       في طرطوس يبحث الإخوة عن إمكانية تقسيم المراكز إلى ثلاث أو أربعة فروع هي: طرطوس، مشتى الحلو، صافيتا وغيرها من القرى. آمل أن يعطى لنا أن ننهي هذا الموضوع في هذه الأيام فيصار إلى إنتخاب رؤساء الفروع ورئيس المركز بأسرع وقت ممكن.

-       في حلب سعى الإخوة إلى تأسيس فرع جديد في إدلب ولكنه بقي يتبع النظام القديم وقد إنتخب الأخ إسكندر ورد رئيسًا للمركز.

-       في دمشق كذلك بقي المركز على النظام القديم وقد إنتخب الأخ فواز خوري رئيسًا للحركة.

-       أما في اللاذقية فقد تابع المركز سيره النشيط في طريق تنظيم الحركة في هذه الأبرشية وقد شكل الأب يوحنا منصور رئيس المركز المعيّن من قبل الأمانة العامة مجلس المركز يضم عددًا من الإخوة المسؤولين عن سائر نشاطات الحركة وآمل أن يعطى للإخوة هناك أن يتمكّنوا من تطبيق الأنظمة الحركية في مستقبل ليس ببعيد.

3)    وقد ظهرت في تطبيق هذا النظام الجديد بعض الحسنات تساعد في تنشيط العمل الحركي وتخلق شيئًا من الحماس والتنافس بين فروع المركز الواحد كما يحصل في بيروت وطرابلس كما أنه قد خفت الإتكالية. ولكن في الوقت نفسه ظهرت بعض النزعات الإقليمية خاصة فيما يتعلق بالمال ومساهمة الفروع في ميزانية المركز وهذه الظاهرة خطيرة جدًا لأنها تدل على أننا لم نتحرر بعد من روح الملكية الخاصة ولم نصل إلى حد وضع كل ما هو لنا بين أيدي الإخوة لصالح الجميع.

-       كذلك ظهر حين أجريت الإنتخابات في المركزين اللبنانيَّين أن بعض مواد هذا النظام الداخلي الجديد تتطلّب شيئًا من التعديل وسوف تتقدّم الأمانة العامة من هذا المؤتمر باقتراحات بهذا الشأن.

·        العضوية

إذا تأمّلنا في نوعيّة الأعضاء في الحركة وتصرّفات الكثير منهم نرى ظواهر عديدة أهمها:

1)    حرص المراكز السورية بشكل عام على إعطاء العضوية. المسؤولون هناك متشدّدون جدًا وفي أغلب الأحيان لا يمنحون العضوية إلا عند اكتمال شروط عديدة، البعض منها غير منصوص عنه في النظام.

2)    أما في المراكز اللبنانية فيلاحظ أن العضوية تمنح بسهولة أكثر خاصة في بيروت.

3)    في المراكز اللبنانية والسورية على حد سواء يوجد عدد من الأعضاء القديمين الذين ما عادوا يوافون شروط العضوية إذ أنهم لا يشتركون في الخدمة الإلهية أو لا يحضرون الإجتماعات إلخ... ومع ذلك يبقون أعضاء.

كل ذلك يجعلنا نحس أنه من المهم جدًّا أن نعيد النظر في العضوية الحركية مع درس إمكانية أكثر جدية إذ لا حركة دون أعضاء ولا أعضاء دون أناس مكرّسين للرب يسوع ولكنيسته. على هذا الرجاء تتقدم الأمانة العامة بإقتراح بهذا الشأن سوف نبحثه في جلسة لاحقة من هذا المؤتمر.

·        علاقة المؤتمر بالأمانة العامة

1)           أبدأ القول أن الأمانة العامة الحالية والأمين العام يشعرون بتقصيرهم إذ أنهم كانوا يريدون أن يتسنّى لهم أكثر مما فعلوا زيارة المراكز بصورة دورية والإطلاع عن كثب على أحوالها ومشاكلها والمساهمة في حلّها على الفور. ولكن هذا لم يكن ممكنًا لضيق الوقت وإنشغال أعضاء الأمانة العامة في مهنهم والنشاطات على الأقل مرتين وبعضها أكثر.

وقد زار الأخ غسان معلوف المسؤول عن العلاقات العامة المراكز كلها مرارًا كما زارت الأخت سلمى فياض المسؤولة عن الطفولة كل المراكز ما عدا طرطوس مرة. كذلك زار الأب الياس عودة المسؤول عن الدعوات الكهنوتية والأخ نديم طرزي المسؤول عن البرامج والتدريب بعض المراكز مرارًا.

ولكنني واعٍ أن هذا لا يكفي وإننا بحاجة ماسة إلى إتصال شخصي دائم وذلك غير ممكن إلا في حالة تفرّغ أحد أو بعض أعضاء الأمانة العامة لخدمة كاملة في الإطار الحركي وسوف نتباحث مليًّا في إجتماعات غدًا بهذا الموضوع وأرجو أن نحس بأهميته وضرورته إذ لا يمكن أن تستمر حركة كحركتنا دون تفرّغ كلّي أو جزئي من قبل بعض أعضائها.

2)    هذا بما يختص بزيارات المراكز من قبل أعضاء الأمانة العامة. أما على صعيد الكتابة فقد بقي مختلف المسؤولين في الأمانة على اتصال بالمراكز ناقلين الأخبار وطالبين التقارير ومعلمين بالنشاطات. ولكن يؤسفني أن أقول أن تجاوب المراكز مع هذه المراسلات كان ضئيلاً جدًّا فأعطي مثلاً واحدًا على ذلك ويوجد أمثلة كثيرة ألا وهي رسالتي المؤرخة في شباط 1972 الموجّهة إلى سائر رؤساء المراكز حيث أطلب فيها تقارير مفصلة عن أعمال المركز ومشاكله وإقتراحات من أجل وضع جدول أعمال هذا المؤتمر والمساهمة في تحضيره إلخ...

طالبًا أن يجاوب على هذا الكتاب في أسرع وقت ممكن وقبل نيسان 1972 فيؤسفني أن أردد أنه حتى اليوم لم أتلقى سوى جواب مركزَيّ اللاذقية وطرطوس اللذان وصلا بعد فترة طويلة من الموعد المحدد وقد وصل جواب حلب منذ بضعة أيام فقط.

ماذا يجب علينا أن نستنتج من هذا التصرف؟ إهمال أو عدم اكتراث أو عدم ثقة أو ماذا؟ أترك لكم الجواب راجيًا ألا ننسى أننا خدمة في حقل واحد حاملين رسالة واحدة وعنوانها المحبة والأخوة.

·        علاقة المراكز فيما بينها

لاحظنا خاصة بعد اللقاء العام والمؤتمرات الصيفية التي جرت في صيف 1972 بعد إنقطاع دام بضع سنوات أن المراكز أو بعض الفروع تزور مراكز أخرى فقد شهد مركز اللاذقية خاصة عددًا كبيرًا من تلك الزيارات من مراكز سوريا وبعض فروع مركز طرابلس. كما أنه جرى تبادل زيارات بين مراكز أخرى على صعيد أضيق. كذلك أخذ عدد من الحركيين من مختلف المراكز بمراسلة بعضهم البعض. وهذا كله يعتبر خطوات إيجابية في توطيد الوحدة الحركية على أسس صحيحة علّنا نستمرّ في هذا الطريق.

·        إجتماعات الأمانة العامة

قبل أن ننتقل من الوضع الإداري هذا يجدر الذكر أن إجتماعات الأمانة العامة كانت دورية وقد إجتمعت الأمانة العامة في الفترة ما بين المؤتمرين ما يقارب الثلاثين مرة أي بمعدّل ثلاث مرات كل شهرين.

وقد شعرنا أنه يجب أن يؤمن بشكل أو بآخر إشتراك بعض الإخوة السوريين في تلك الإجتماعات وأرجو أن نجد في هذا المؤتمر سبيلاً لتنفيذ ذلك.

·        البرامج والتدريب

هنا أيضًا يجب أن أعتذر عن عدم تمكننا من إرسال البرامج في المواعيد المحددة إذ أن كثيرًا من الإخوة الذين كانوا قد تعهدوا بكتابة قسم من المواضيع لم يوفوا بوعدهم. لذلك إضطر المسؤول عن البرامج (الأول أي الأخ جورج ومن ثم الثاني الأخ نديم) في الآونة الأخيرة أن يطلب من بعض الإخوة الآخرين أن يكرّسوا وقتًا لإتمام البرامج ويسرني أن أعلمكم أن معظم برامج المرحلة الإستعدادية والثانوية أصبحت جاهزة ويمكنكم إقتناؤها الآن ومن ثم إستعمالها في السنة المقبلة.

أما بخصوص برامج الطفولة وبفضل جهود جبّارة قامت بها المسؤولة عن برامج الطفولة تمكنّا حتى الآن من إتمام ثلاث كتب واحد منها تم طبعه والآخر تحت الطبع وثالث آمل أن ينتهي طبعه قبل أواخر هذا الصيف.

هذا ويجب أن نذكر ما قلناه في مؤتمرنا الأخير أن هذه النصوص المكتوبة لا تغني عن جهد المسؤول الشخصي الذي يجب أن يفهم النصوص وينقلها باللغة والجهة والأسلوب الملائمين للفرقة التي يتوجّه إليها. ولكنها تعطي كل مسؤولي الحركة إطارًا يعملون ضمنه وتوحّد التوجيه ومحتوى التعليم فنساهم إذًا في خلق فكر أرثوذكسي واحد مرتكز على تقليد شرقي خلّاق ومنفتح على مشاكل هذا العصر وتحدّياته.

هذا بخصوص البرامج أما بخصوص التدريب فالبحث يطول وكان الأخ جورج نحاس في المؤتمر الأخير قد عرض أسلوبًا معيّنًا لإتمام هذا التدريب على الصعيد المحلّي والعام المشترك وكان المؤتمر قد أقرّ هذا التدريب.

وقد نظّمت الأمانة العامة حتى الآن حلقتَين دراسيّتَين، الأولى كان عنوانها: "الكنيسة" في صيف 1971 والثانية كان عنوانها "الخلاص" في هذا الصيف قبل انعقاد هذا المؤتمر. وكانتا في العموم ناجحتَين في إعطاء الإخوة المتدرّبين آفاقًا جديدة ومفهومًا أرثوذكسيًّا صحيحًا وربّما عوّدتهم على طريقة عمل معيّن في التفتيش والبحث والدراسة.

وقد نظّمت أيضًا الأمانة العامة حلقات دورية في لبنان خلال سنة 1971 و1972 إشترك فيها البيروتيّين والطرابلسيّين وسعت لتنظيم حلقات مماثلة في سوريا ولكن لأسباب عديدة منها سوء تفاهم وسوء الطقس لم تنجح تلك الحلقات وكان الإخوة السوريّين قد ألحّوا في المؤتمر الأخير على إقامتها في المواعيد المعيّنة ولم يأتِ إليها إلا قلّة قليلة من مركز أو مركزين.

أمّا بخصوص الحلقات الدورية اللبنانية يمكنني القول أنها ايضًا لم تكن ناجحة كل النجاح لأسباب عديدة سوف يأتي على ذكرها الأخ نديم طرزي في جلسة لاحقة ولكن أود أن أذكر أهمها في نظري ألا وهو قلّة جدّية عدد من المشتركين فكان بعضهم يغيب والبعض الآخر يشترك في الحلقات كمستمع فقط لا يجتهد في بيته في التحضير والدراسة والإستفادة من الدروس المعطاة.

ويجدر هنا الملاحظة أنه لن يتمكن أحد من تدريبي إن لم أريد أن أتدرّب وأتعب طالبًا المعرفة بجد وعزم. إن قلّة وجود هذه النيّة في التدريب عند أعضائنا الأشد حماسًا علامة في نظري خطيرة جدًّا إذ يمكن أن تعني عدم اكتراث وعدم فهم للماهيّة الحركية وقلّة حماس في التضحية في سبيل هذه الحركة والكنيسة أي بكلمة أخرى عدم إرادة اقتباس فكر المسيح والاكتفاء بفكرنا البشري الهزيل. هذا موضوع خطر جدًا على هذا المؤتمر أن يعيره الكثير من الإنتباه برصانة تامّة.

أما على صعيد تدريب قادة الطفولة لقد نُظّمت حلقتَين في صيف 1971 و1972 ساد فيها الطابع العملي والتدريب الحي وقد أعطت تأثيرًا إيجابيًّا في كثير من المراكز. وقد اشترك في هذه الحلقات وخاصة في الحلقة الأخيرة بعض الأخصّائيين المحلّيين والأجانب في إعطاء الدروس والسهر على التوجيه.

·        مجلة النور

لم نتمكّن من تحرير مجلّة النور وتبويبها بالشكل الذي أقرّه المؤتمر الأخير وذلك لصعوبة إيجاد إخوة حركيين مستعدّين للمساهمة في أسرة التحرير والكتابة في المجلة ولعدم تجاوب المراكز وبعض الأوساط الأخرى مع طلبات رئيس التحرير. وسوف نبحث في جلسة لاحقة في اقتراحات عملية لتغيير هذا الوضع والسعي لجعل مجلة النور تلبّي رسالتها على أحسن وجه.

أما بخصوص التوزيع فيسرني أن أقول أن المجلة قد تصل إلى سوريا. ولو على شيء من التأخير وعلى الإخوة السوريين وخاصة الدمشقيين منهم أن يساهموا بشتّى الوسائل الممكنة في المساعدة في الحصول على رخصة رسمية للمجلة في سوريا للتمكن من إرسالها بشكل أسلم.

كذلك يجب على سائر المراكز السورية أن تسعى بجدّية في جباية إشتراكات المجلة ويؤلمني أن أقول أنه حتى اليوم (وما عدا مركز اللاذقية) لم تصلنا كامل إشتراكات سنة 1971.

·        منشورات النور

سعت الأمانة العامة أن تنفذ قرارات المؤتمر الأخير بشأن منشورات النور فنجحت إلى حدّ ما ولكن ينبغي الكثير والكثير والتخطيط موضوع لإتمامه في أقرب وقت ممكن. فعلى صعيد النشر تم طبع الكتب التالية: "الحياة في المسيح" و"الجنس ومعناه الإنساني" و"القيامة والإنسان المعاصر" وكتاب الطفولة الأول والثاني تحت الطبع، كتاب "السنة الطقسية" بالفرنسية الجزء الأول والثاني تحت الطبع، و"أصول الحياة الروحية". وقد أعيد طبع كتاب "الصوم" وسوف يطبع قبل أواخر هذه السنة كتاب "القوانين". ويوجد برنامج للنشر في السنة المقبلة يتبع تخطيط المؤتمر السابق ودراسات المسؤول عن المنشورات ولجنة النشر.

أما بشأن التوزيع فقد تحسّن الوضع المالي وسوف يحدثنا الأخ نديم حيدر عن ذلك في تقريره المالي وقد ألغيت كل المعاشات والنيّة في السنة المقبلة أن نتفق مع مكتبة الكلمة لكي تتسلّم التوزيع في لبنان. أما بخصوص سوريا فعلينا أن نتباحث في هذا المؤتمر بأفضل أسلوب للتوزيع. أما فيما يختص بباقي البلدان (مصر وأوروبا) فتكون بعهدة المسؤول عن المنشورات مباشرة. وقد تم حتى الآن التوزيع في سوريا ولبنان وتمت الإتصالات مع الكويت والخليج ومصر والأردن وفرنسا. في هذا الصدد لا يسعني إلا أن أثني على الجهود التي قام بها المسؤول السابق عن التوزيع في سوريا الأخ إسكندر ورد إذ أمّن للمنشورات شبكة واسعة نرجو أن تكون فعّالة في السنين المقبلة.

وأيضًا أود أن أقول أنه يقع على المراكز وخاصة السورية منها مسؤولية نشر المنشورات وحث الشعب على اقتنائها والمبادرة التي أخذها الإخوة في حلب بوضع المنشورات تحت رعاية المطرانية ألا وهي مثل إيجابي لما يمكن أن نفعله للمساهمة في التوزيع.

·        الإعلام

لقد اختصرت النشاطات الإعلامية على الإعلام الداخلي بواسطة النشرة الإخبارية وكانت تصدر مرة كل شهر وتوصّلت إلى الإصدار مرة كل شهرين تلبية لرغبة رؤساء الوفود الحركية في اللقاء العام 1971 وقد نقلت هذه النشرة الكثير من الأخبار الحركية وكانت أداة فعّالة في الإعلام بين المراكز وأيضًا خلقت جسرًا بين الحركة والحركيّين المغتربين وأرسلت لهم وتجاوبوا معها على أتمّ وجه.

- على صعيد الإعلام الداخلي أيضًا صدر دليل العضو وهو أداة سهلة الإستعمال للإرشاد عن أهم مظاهر الحياة الحركية للمريدين والأعضاء والأصدقاء.

- أما على صعيد الإعلام الخارجي فلم يفعل الشيء الكثير. الجدير بالذكر أن بعض الحركيين كتبوا مقالات عن الحركة في مجلات أجنبية (إيطالية ويوغسلافية وغيرها) وأن بعضهم الآخر تحدث في التلفزة في لبنان وبعض النشاطات المماثلة الأخرى.

ولكن هذا لا يكفي في عصر يلعب فيه الإعلام دورًا أساسيًّا وسوف نبحث في جلسة لاحقة في هذا المؤتمر ما يمكن ويجب أن نفعله لاعتماد أساليب الإعلام الحديث في صحف وراديو وتلفزة وتحضير ملفات إلخ... لنشر كلمة الرب بواسطتها.

·        المؤسسات ذات الطابع التجاري

لن أتحدث بإسهاب عنها إذ أنكم تبحثون أوضاعها المالية في جلسة لاحقة ولكن لا بد لي من قول بعض الشيء بهذا الخصوص وبادئ ذي بدئ لماذا مؤسسات تجارية في الحركة؟ وهل هي ضرورية لنقل الكلمة؟ رأيي في ذلك صريح ألا وهو أنه لا يجب أن يكون هناك مؤسسات تجارية تابعة للحركة لأن إدارتها ومراقبة أعمالها والسهر عليها يتطلب وقتًا هائلاً الأجدر بنا أن نستعمله لنشر كلمة الرب والصلاة والإجتماعات وغيرها من النشاطات. وذلك لأنه يمكننا طبع كتبنا بالأسعار نفسها في مطبعة غير مطبعة النور ويمكن لنا – إذا أُحسِن إدارة توزيع منشورات النور – أن نضع كتبنا في كل مكتبات البلد وليس فقط في مكتبة الكلمة.

هذا ويصبح جليًّا أكثر حين نلاحظ أن مطبعة النور ومكتبة الكلمة حتى الآن لم تربح الحركة شيئًا بل أنها أوقعتها تحت عجز مالي ضخم كنّا بغنى عنه.

لذلك قررت الأمانة العامة بعد أن أصبحت أوضاع المطبعة سليمة نوعًا ما – إذ أن خسارتها سوف تكون ضئيلة هذه السنة – أن تبيعها ونحن الآن بصدد البحث مع شخص بهمّة شرائها.

ولا أخفي عنكم أن المبلغ الذي سوف تبيع فيه المطبعة لم يغطي كل الديون المتراكمة على المطبعة والتي كان قد سلفتها إياها يد الأخ ألبيرة لحّام السخية.

·        في إلتزام شؤون الأرض

بعد أن أصدرنا في المؤتمر الأخير الوثيقة المسمّاة "في إلتزام شؤون الأرض" محدّدين فيها ضرورة ومدى الإلتزام الإجتماعي الأساسي لكل مسيحي ومسؤولية الحركة في التوجيه والإعلام وحثّ أعضائها للانخراط في خدمة البشر في شتّى المجالات دون طهرية أو تكبّر.

وبعد أن اتفقنا ألّا ندخل الحركة كمنظمة في أي عمل سياسي محض إذ أنها توصي ولا تتكتل مع فئة إذ أنها للجميع. لم نلاحظ على الصعيد العملي أي تحسّس لأهمية هذه المسؤولية.

بقي الكثير من أعضائها يندفعون بالكلام ولكن قلّة قليلة منهم انخرطت في عمل معيّن لمساعدة القضيّة الفلسطينيّة أو القضايا الطلابية في لبنان أو الخدمة الإجتماعية أو العمل ضد الطائفية السياسية أو غيرها من الأمور. فأعتقد أنه حان لنا أن نقول كفانا كلامًا نريد عملاً رصينًا مخلصًا متواضعًا دؤوبًا نريد أن نكون خدّامًا لا خطباء ومشكّكين.

وعلى هذا الصعيد من المهم الملاحظة أن المركز الطبي الإجتماعي في بيروت المؤسَّس من الحركة والكائن في إحدى بيوتها لم يلاقي إلا القليل القليل من المساهمة الحركية في أعماله الاجتماعية وغيرها. (هذا الصيف شهد أول اهتمام حركي فيه بإقامة مخيّم صيفي لأطفال العائلات الفقيرة التي تؤمّ المستوصف).

وهذا مجال للخدمة والالتزام الاجتماعي مفتوحًا أمام إخوتنا في بيروت فلما لم يتجنّد هؤلاء الشباب المنادين بالثورة والعمل الاجتماعي السياسي في خدمة هؤلاء العائلات التي يهتمّ بها المستوصف؟

علاوة على ذلك ومع أن المركز الطبي الاجتماعي طرابلس فعّال أكثر من بيروت لا يبدو أن هذا العمل يستقطب العدد الكافي من شبابنا.

قريبك هو من يضعه الرب قرب بيتك فإذا لم تساعد هذا القريب فكيف يمكنك أن تساعد أخوك وقريبك في فيتنام أو غيرها من بلاد العالم؟

قريبنا هو ذاك الذي يأتي إلينا في مراكزنا الاجتماعية هو ذاك الذي يعيش في المخيمات الكامنة على مقربة من بيوتنا هو الطالب الذي تعايش في المدرسة أو في الجامعة هو ذلك الموظف العامل في مكتبك هؤلاء هم أقربائك وكل خدمة تقوم بها ولا تشملهم عليك أن تشك في رصانتها وأصالتها على ضوء الإنجيل وكلام يسوع.

إلتزامنا شؤون الأرض يفرض علينا عملاً وتخطيطًا وخدمة وتضحية وليس كلامًا. ماذا نعمل للعمل في لبنان؟ هل نعتبر أن الأعياد التي تقام سنويًّا بمناسبة عيد العمال كافية ونعرف حقّ المعرفة أن إقامتها مرة في السنة تظهرها على شيء من الفولكلور؟

يجب أن تكون شبيبة الحركة يد الكنيسة في الأوساط النقابية والعمالية – وأن تجعل بواسطة خدمتها – تلك الأوساط تحس أن الكنيسة لهم حقًّا على مدار السنة وليس مرة بمناسبة عيدهم. أرجو أن نكون جدّيين وأن نضع جانبًا الكلام لقد حان وقت العمل.

أما على صعيد مساهمة الحركة في الإعلام عن القضية الفلسطينية فقد قام بعض الأخوة الحركيين وأخص منهم بالذكر الإخوة ألبير لحام وكابي حبيب وغيرهم علاوة على المطران جورج خضر بزيارات واجتماعات واشتركوا بمؤتمرات عديدة في الغرب تكلموا فيها عن الموضوع. وقد تكلّم الأخ كابي عن هذه القضية في القاعة الكبرى لمجلس العموم البريطاني في كانون الأول 1971 كما أنه حضر بصفته أمين سر اللجنة الدائمة للندوة العالمية للمسيحيّين من أجل فلسطين إجتماعات تلك اللجنة طوال سنة 1971 و1972 وكذلك اجتمع في الولايات المتحدة بعدّة منظمات وتكلّم عن الموضوع نفسه. هذا على صعيد المثال وقد ساهمت الحركة في الكتابة والتفكير اللاهوتي (الأخ نديم طرزي مثلاً) على هذا الموضوع ولن تتوقف في عملها هذا مهما تغيّرت الأوضاع السياسية لأن ما تدافع عنه هو قضية حق وعدالة وتعتبره من صميم رسالتها.

د) الشعب الحركي

أتوقف قليلاً عند هذا الحد وأنطلق لأتحدث قليلاً عن الشعب الحركي كما لاحظته في السنتين السابقتين. لن أدخل في تفاصيل النشاطات المختلفة في سائر المراكز. أو بعض المشاكل الخاصة في كل منها وسوف يتاح لنا في هذا اليوم أن نستمع إلى أهمها من قبل ممثلين عن المراكز.

1)    – الطفولة:

يبدو لي أن عملنا في الطفولة يتطلب إعادة النظر في الأساس إذ أصبح في كثير من المراكز عملاً روتينيًّا ينقصه الخلق المستمرّ الذي يتطلبه عملاً من هذا النوع. أعطي مثلاً كأمثال عن حالتنا المتقهقرة إلغاء شُعَب الصغار في بيروت وتقلّص عدد الأطفال في دمش وحلب وغيرها من المراكز. علينا أن نغتنم فرصة إعادة النظر في البرامج وحلقات التدريب لكي نجدد أساليبنا وندرّب المسؤولين ونعطي كل حركي وقتًا لدرس الإعوجاجات وتصحيحها.

على صعيد الطفولة يسرّني أن أثني هنا على جهود الأخ الشماس الياس عبدوكا في حمص الذي يعمل تحت رعاية وإرشاد سيادة المطران ألكسي وينجح نجاحًا ملاحظًا في حقل الطفولة. كذلك يمكن الإشادة بالجهود المبذولة في طرابلس واللاذقية وطرطوس في هذا الحقل.

نحن مسؤولون عن أرواح أطفالنا. إنهم بين أيدينا يسألنا الرب عنهم في اليوم الأخير. فهل نحن مستعدّون أن نُسأل على منبره المقدّس؟

2)    – الطلاب:

من الأكيد أنه يوجد أزمة طلابية واستعدادية في الحركة وفي لبنان وبعض المراكز السورية. عدد الطلاب الثانويين في بيروت ضئيل جدًّا كذلك في طرابلس كذلك في دمشق وتنقصني المعلومات عن حلب وطرطوس. أما في اللاذقية فعمل الحركة بمعظمه يقوم على أكتافهم كما اعتادت الحركة في تاريخها الطويل. علينا أن نسأل عن الأسباب بجدية وصراحة كلّية. وربما سوف يُتاح لنا في جلسة غد أن نتناقش في هذا الموضوع بشيء من الإسهاب حين نتكلّم عن securement أي دعوة الأعضاء الجدد إلى الحركة. رجائي أن نعير هذا الموضوع الأهمية الذي يستحق لكي يتجدّد دومًا الدم الحركي وتستفيد الحركة والكنيسة من إمكانيات وتطلّعات الجيل الجديد لكي ينمو الجسد كله.

3)    – الجامعيون:

إن الجامعيين اليوم في عدد من المراكز هم الركائز الأساسية للعمل الحركي وهذا من الطبيعي ولكن عددًا ضئيلاً منهم يعمل والبقية تكتفي باجتماعهم الأسبوعي دون مساهمة فعّالة في قيادة الفرق أو غير نشاط حركي أو كنسي. ولقد عقد مؤتمرًا للجامعيّين في لبنان والنيّة أن يعقد مؤتمرًا آخر في سوريا لتحديد دور الجامعي في الحركة وأيضًا دور الحركة في الجامعة إذ الجامعة هي مركز مهمّ للتبشير وللمدّ الحركي وإطار لنضال وطني إيجابي.

آن للحركة أن تفكر جيّدًا بقضية الجامعة إذ أكثرية مراكزها ما عدا طرطوس موجودة في مدن جامعية وتعاني المشاكل نفسها. آمل أن يكون الموضوع في وسط اهتمامات الحركة في السنين المقبلة القادمة.

4)    – العمّال:

يمكن القول أنه لا وجود لدور فعليّ لهم في الحركة ما عدا فرق قليلة هنا وهناك وهذا أمر غاية بالأهمية سنعود إلى ذكره في جلسات لاحقة من هذا المؤتمر.

5)    – الحركيين القدامى والموظفين والعاملين:

وهنا مهما كانت الأحوال في سائر المراكز وهي تتراوح من ضئالة وجود في دمشق وحلب واللاذقية وتضعضع في طرطوس ووجود متأزم وغير مرضي في بيروت وطرابلس – يجب أن نفهم أن انخراط الكبار في الحركة يتطلّب منهم انفتاحًا على الآخرين وعملاً في شتّى أوساط الكنيسة والتعاون مع المؤسسات والجمعيات القائمة ومساهمة في العمل الرعائي وسوف يطول الحديث عن هذا الموضوع في مكان آخر من هذا التقرير وأكتفي الآن بالملاحظة أن الحركة في معظم مراكزها لا تزال منغلقة على ذاتها، منكمشة على اكتشافاتها كأن تلك الاكتشافات هي ملكها ولم تعطى لها من فوق.

6)    – العائلات:

بالرغم من ازدياد عدد العائلات الشابة في الحركة وقيام فرق خاصة لهم في طرابلس وبيروت وحلب لم نتمكن حتى الآن من إيجاد الصيغة الملائمة لجعل تلك الفرق تشارك فعلاً في الفكر الحركي في مجال التربية ومكانة العائلة المسيحيّة في الكنيسة. وأعتقد أن هذا الموضوع هو أيضًا من الأمور الملحّة الذي يجب الاهتمام به جديًّا في السنين المقبلة.

7)    – التبشير في القرى:

إذا نظرنا إلى إنطلاقة الحركة في القرى سنة 1955 مثلاً وقارنّا وضعها آنذاك مع وضعها اليوم علينا أن نقرّ أن هذا المدّ التبشيري يكاد يكون مفقودًا كلّيًّا اليوم. وهذا الضعف له مغذى، يقول الإخوة المسؤولين في المراكز حين يسألون عن هذا التقلّص: "ليس لدينا مسؤولين بعدد كافٍ لإرسالهم إلى القرى". كذلك يقولون في حلب واللاذقية ودمشق وطرطوس وبيروت وطرابلس. ويلاحظ المرء إذا دخل بيوت الحركة في أية مدينة يوم الأحد أو يوم العطلة الأسبوعية عددًا كبيرًا من الشبّان والشابات يلعبون شتّى الألعاب ويجلسون ساعات طوال بمناقشات مختلفة. فأسأل إذًا لماذا هذا الوضع. لماذا لم يذهب هؤلاء إلى القرى ويبشّر كل منهم حسب ما أُعطي له من الروح وبتوجيه المرشدين؟ لماذا لم نوجّه شبابنا إلى تلك الانطلاقة؟ لماذا لم يحثّوهم بإلحاح الدعوة وبضرورة الشهادة؟ لمذا لا يتألمون من أوضاع كنائس كثيرة مقفلة لا كاهن لها ولا صلاة ولا تعليم ولا إرشاد؟ لماذا؟ هل فكرنا في كل من مراكزنا عن أسباب كل هذا؟ أهو ناتج عن أن قلوبنا ليست حارّة فينا إذ لا نرى المسيح ينادي في تلك القرى المتعطشة لكلمته؟ ألم نتعلّم بعد أن عدد المسؤولين يزداد أيضًا إذا أسند للإخوة مسؤوليات تبشيريّة؟ وإن العمل للرب مهما كان صغيرًا يجعلنا نكتشف الرب ونحبه أكثر وإذ نعطي له وقتًا أوفر ونصبح مسؤولين؟ إنطلاقة الحركة نحو القرى ومساهمتها في العمل التبشيري هي علامة صحة.

8)    – الإشتراك في حياة الكنيسة الطقسية:

إذا شاهدنا باغتباط إشتراكًا فعليًّا لسائر الشعب الحركي في اللاذقية خاصة نلاحظ في باقي المراكز تلاشي مخيف في اشتراك الأعضاء في الصلوات والقداديس وانعدام يكاد يكون كلّيًّا بالاقتراب من أسرار الله الخلاصيّة.

وربما دائمًا يكمن سبب هذا في أننا نريد أن نتكلم عن الرب والمهم كما يقول أحد الآباء الإسلام له والتطهّر به ليس الكلام عنه.

إن الليتورجية هي فرصتنا الأساسيّة للخروج من وطأة الزمن والخطيئة وللانفتاح للعالم الآخر ولضمها معًا في اشتراكنا في جسد ودم الرب وإذا عرفنا أن وجود المسيح فينا يجعلنا أكثر فعالية في العالم لا يمكنني أن أفهم تقاعسًا في هذا الموضوع.

وعلينا أن نعطي هذا الموضوع، أي قضية الاعتراف والأبوّة الروحية والتحرر من الأهواء والاشتراك في سرّ الشكر، الأهمية الأولى في كل عمل أو تفكير نقوم به في تخطّينا من أجل حركة أفضل لأنه من الواضح أنه بدون الرب لا حركة بل كما قال الأب جورج سابقًا تكون الحركة دكان دين.

9)    – الكهنوت والتكريس:

هذا يجعلني أيضًا أدعوكم إلى التساؤل عن قلّة الدعوات الكهنوتية والرهبانيّة في صفوفنا وقلّة عدد المنضمّين إلى معهد البلمند اللاهوتي. علينا أن نفهم أن الحركة هي دعوة إلى التكريس الكلّي في العالم أكان ذلك في الكهنوت أو في أي عمل علماني. ولكن علينا أيضًا أن نصغي إلى صوت الروح الذي يهبّ في كنيسة أنطاكية ويطلب معاونين خاصّة في حقل الكهنوت. هل نحن نريد أن نصغي إلى الروح أو إلى عنعنات فكرنا البشري الساقط؟ أرجو أن ننظر إلى هذا الأمر خلال هذا المؤتمر بجدّية ومسؤولية إذ ينتظر منّا الكثير ولأنه إذا ما سمع اليهود الله يستطيع أن يصنع من الحجارة أبناء لإبراهيم.

10) – ختام:

في عرضنا هذا عن الشعب الحركي يمكننا أن نقول الشيء الكثير ولكن سوف أكتفي بهذا تاركًا لممثلي المراكز ولمناقشتكم الزيادة والتعليق. ولكن أود قبل أن أنهي هذا القسم من التقرير أن ألفت نظركم إلى ظاهرة نلاحظها في بعض الأوساط الحركية ألا وهي عدم الثقة ببعضنا البعض التي تأخذ أشكالاً مختلفة في سائر المراكز. بما أن هذا المؤتمر يضمّ ممثلين عن سائر الفئات الحركية أرجو أن نتكلم بصراحة كلّية عن هذا الموضوع لأنه إذا ساء إليك أخوك يقول الكتاب العزيز إفتح قلبك له ولا تنام قبل أن تنقّي ضميرك من كل غضب وفكر بطّال وحسد وسوء نيّة لكي تكون من أحباء الرب. أرجو بإلحاح أن نتصارح بمحبّة من أجل أن نكون مستحقّين أن نكون خدّامًا صالحين للرب.

ه) المد الحركي:

لقد تكلمت عن هذا الموضوع حين بحثت قضية التبشير في القرى والعمل في الجامعات وسوف يعطى لنا أن نبحثه أيضًا مطوّلاً في جلسة لاحقة في هذا المؤتمر. سوف أكتفي هنا بالإشارة إلى العمل الجبّار الذي يقام في أبرشية حمص في أوساط الطفولة والشباب وذلك برعاية رئيس كهنتها وبمساعدة طفيفة من الحركة. أشدّد على كلمة طفيفة لأنه يجب أن نسهم كلّنا وخاصة المراكز المجاورة لحمص أكثر ممّا فعلنا لسند هذا العمل دون أن نضيّع الوقت في أبحاث عن هوية العمل القائم في حمص. أصرّح هنا أن كل عمل من أجل بناء كنيسة الرب هو عمل تغتبط له الحركة وأن همّنا هو أن نبشّر كلمة الرب وليس كلمة الحركة وأن يُعرَف اسم يسوع وليس اسم حركة الشبيبة الأرثوذكسية. فعلينا في هذا المؤتمر أن ندرس جدّيًّا كيف يمكن لنا أن نساهم في العمل في حمص وأن نضع الخطوات اللازمة من أجل اعتبار حمص مركزًا ناشئًا.

جرى أيضًا أن مساعي من قبل مركز حلب لإحياء عمل في أبرشية حماة كما جرى بعض المساعي من قبل الإخوة في طرطوس لإعادة إحياء العمل في بعض قرى وادي النصارى.

ولكن لا بدّ من ضرورة العمل في قرى دمشق واللاذقية وجبل لبنان وطرابلس وعكار وصيدا وزحلة والكويت وغيرها من المدن والقرى علاوة عن تنشيط الإمتداد الحركي في المدن والقرى حيث يوجد فروع لنا.

ز) المالية:

لن أتكلّم عن تفاصيل مالية إذ يتحدث عنها بإسهاب الأخ نديم حيدر المسؤول عن المالية في الأمانة العامة ولكن أود أن أقول ما يلي:

أولاً: لقد وفّقنا الله أن نسد العجز المتراكم على الأمانة العامة الذي كان قد بلغ /11,000/ ليرة لبنانية وذلك بمساعدة بعض الإخوة الحركيّين وبعض المشاريع والقليل من مساهمة المراكز. ويسرّني أن أعلمكم أن ميزانية الأمانة العامة الحالية سوف تظهر وفرًا بسيطًا.

ثانيًا: إن الوضع المالي للمؤسسات التجارية التابعة للحركة أصبح واضحًا ومضبوطًا حسب أصول المحاسبة العلمية وذلك بفضل الإخوة الذين عملوا جادّين في هذا العمل وصرفوا الكثير من الوقت للوصول إلى هذه النتائج وخاصة الأخ جورج طبال من مركز بيروت.

ثالثًا: إنه مطلوب منا مساهمة مالية أوسع بكثير ممّا تعوّدنا عليه حتى الآن إذا أردنا أن تقوم الحركة والأمانة العامة فيها برسالتها على أتم وجه. لذلك يجب أن نلتزم بجيبنا وهنا المحك. هل فهمنا مليًّا أننا للرب ولهذه الحركة التي هي الطريق نحوه بكل ما نملك وكل ما نقتني؟ هل نحن مستعدّون أن نعود إلى عادات الكنيسة الأولى حيث كان المؤمنون يأتون بما حصلوا عليه ويضعونه بين أيدي الرسل؟ هل نحن مستعدّون أن تكون الحركة شركة حقّة يتساعد الإخوة فيها في كلّ شيء؟ ويساهم كل عضو بصورة جديّة في مصاريف الجميع وتأمين المشاريع الحيوية من أجل إنطلاقة أوسع؟ أرجو أن يعطى جوابًا على هذه الأسئلة في هذا المؤتمر.

ح) الحركة في الكنيسة الأنطاكية

يطول الحديث عن عمل الحركة في الكنيسة في الآونة الأخيرة وسوف يخصّص له جلسة خاصّة في هذا المؤتمر ولكن لا بد من التحدّث الآن بما يلي:

1)    التعاون مع المطارنة: مجيء عدد من المطارنة الجدد ومنهم من ترعرع ونشأ في الحركة خلق وضعًا جديدًا في عدد من الأبرشيات. فبعد أن تعوّدنا في معظم الحالات أن يهاجَم العمل الحركي من قبل الرئاسة الروحية نرى اليوم دعمًا وتشجيعًا وتحدّيًا على العمل والإنتاج ومن الحق أن أقول أن الحركة لم تكن مستعدّة للتفاعل البنّاء مع هذا الوضع الجديد.

- فمن جهة تعوّدنا أكثر مما يلزم أن نكون "معلّمي المسكونة" وفقدنا شيئًا من التواضع الذي يجعلنا نقبل ببساطة وفرح أعمالاً إيجابية تأتي من خارج المنطقة الحركية. ففي الأبرشيات حيث أراد الحركيون أن يتعاونوا مع المطارنة الجدد ظهر عدد منهم كمرشدين وأرادوا أن يكونوا كأوصياء على المطارنة والمطران هو بالنهاية رأس الكنيسة وهو مسؤول عنها أمام الرب فكيف يمكن أن نكون أوصياء عليه؟

- علاوة على ذلك التعاون مع المطارنة يفترض انفتاحًا لسائر أبناء هذه الكنيسة والعمل معهم بأسلوب جديد لم تسمح دائمًا انغلاقيتنا اتّباعه.

- هناك أيضًا خوف من أن تذوب الحركة في المؤسسة الكنسية.

- وأيضًا خيبة أمل في أن المطارنة الجدد لم يحقّقوا ما ترجوه الحركة بالسرعة التي كانت تعتقد أنهم سوف يحققونه.

- ولكن مع ذلك كله ظهر تعاونًا جدّيًّا ومثمرًا في اللاذقية خاصة في مجالات أضيق في جبل لبنان وحلب وطرابلس.

والمهم في هذا الإطار أن نعي الأمور التالية:

يجب أن تبقى الحركة تيارًا مستقلاً في الكنيسة تعمل برعاية رؤساء الكهنة ولكن لا تذوب في مؤسسات تابعة للمطرانية وذلك للحفاظ على حرية كاملة للشهادة للرب وللحقيقة وللإبقاء على صوت النبوّة في الكنيسة هذا إذا كنا نريد أن نكون أنبياء وطريق النبوّة هو للذات وأن نكون دومًا في توتّر خلّاق مع كل مؤسسة.

ولكن هذا لا يعني أنه لا يجب أن نبتكر أساليب جديدة للتعاون والمساهمة الفعّالة في انطلاقة الكنيسة الأنطاكية وأرى مجال هذا التعاون وخاصة في مجال العمل الرعائي الذي أقرّيناه في المؤتمر السابق والذي لم يؤخذ بعين الاعتبار جدّيًا في معظم المراكز.

إذا رجعتم إلى نص هذا المشروع ترون الإمكانيات الواسعة – وعلى مختلف الصعد – لخدمة أشمل يكون العضو الحركي نواة عمل في إطارات جديدة لا تحمل بالضرورة اسم الحركة. وهذا هو في صلب رسالتنا اليوم إذ إن العمل الحركي في نظري على صعيدَين لا ثالث لهما. الأول هو أن تبقى الحركة كمدرسة لتنشئة بشر مكرّسين للرب وذلك يعني التعليم الديني والتدريب على الصلاة والمسؤولية والاشتراك في الخدم والاجتماعات وحياة الشركة.

والثاني هو أن يشهد هؤلاء الأعضاء كفرق أو على الانفراد في مختلف مجالات الحياة إنطلاقًا من الرعية في الكنيسة إلى أقصى أعماق الأرض. وفي هذا الإطار – العمل الرعائي كما حدّدناه – يشمل كل هذه المجالات وعلينا أن نهتمّ بتطبيقه بجدّية. ويجدر هنا الملاحظة أن الأنظمة الجديدة التي أقرّها المجمع المقدس تؤكّد هذا الاتجاه إذا أقرت مبدئيًّا الرعية ولجنة الرعية كأساس للإشتراك العلماني في العمل الكنسي وعلى هذا الصعيد يجب على الحركة أن تستعدّ منذ الآن لإنخراط أكبر عدد من أعضائها العاملين في لجان الرعايا المزمع انتخابها في الأشهر القادمة.

2)    البلمند: علينا أن ندرس إمكانية حثّ أعضائنا للانخراط في معهد البلمند.

3)    الكهنة والرهبان: هنا أيضًا علينا أن نفعل عملاً جدّيًّا كما سبق وذكرت في مكان آخر من هذا التقرير. الجدير بالذكر أنه في السنين الماضية تقدّم للكهنوت أخوَين فقط من الحركة هما الأب يوحنّا التلّه ويوحنّا نسيم في الولايات المتحدة ولا أعتقد أن هذا العدد يكفي من ضمن جماعة تضم أكثر من ألفَي عضو.

4)    الأبوّة الروحية: نحن بأشدّ الحاجة إلى أبوّة روحية صالحة وهي غير مؤمّنة في أغلبية المراكز. لهذا الغرض ساهمت الأمانة العامة في دعوة إلى انعقاد إجتماع لبعض الكهنة للتدريب والتداول في أمور رعائية. والتأم أول اجتماع في دير الحرف تحت رئاسة المطران جورج وضم ما يُقارب الـ25 كاهنًا أو شمّاسًا. وسوف ينعقد الاجتماع الثاني في النصف الثاني من هذا الشهر في البملند بدعوة من لجنة الكهنة شكّلها الاجتماع الأول ونرجو أن تكون هذه الإجتماعات وكذلك مدرسة الكهنة التي قرر المجمع المقدّس تأسيسها حافزًا لتنمية روح الأبوّة الروحية في مختلف المدن والقرى لكي يصبح الكاهن – وخاصة الحركي منه – ما هو مدعو أن يكون قبل كل شيء: أب للجميع ومرشد للشباب يتفهّم مشاكلهم ويرشدهم إلى حلّها بأسلوب مقبول ومتفهّم.

5)    التخطيط للمستقبل: على الحركيّين ذوي الخبرة في مختلف مجالات العمل الكنسي أن يساهموا مساهمة فعّالة مع المطارنة في التخطيط لمستقبل الكنيسة الأنطاكية على الصعيد الداخلي الروحي والإداري والتربوي والصعيد الخارجي في علاقاتها مع الكنائس والعالم. وكان في نيّة الأمانة العامة الدعوة إلى مؤتمر لهذا الغرض ولكن لم يتسنّى انعقاده وأرجو ألا تهمل هذه الفكرة ويعمل إلى تنفيذ هذا المشروع في أقرب وقت ممكن.

6)    الطلاق والمخالفات: أذكر هذا الموضوع من أجل طرح سؤال واحد: هل تريدون أن تبتدئ الحركة بحملة ضدّ هذه التجاوزات؟

7)    المطارنة المنشقّين: ويبقى وضع المطرانَين المنشقَّين فضول والحاج الذي لا يظهر أن المجمع ينوي أخذ أي إجراء بحقّهم. فهل يمكن أن نقترح شيء لحل هذه الأزمة المزمنة آخذين بعين الاعتبار كلّ الصعوبات من سياسية ورعائية وغيرها – التي حالت دون عمل مجمعي. وأرجو أن نتباحث في هذا الموضوع وإذا أعطينا أن نأتي باقتراحات عملية ممكنة فسوف نرفعها إلى غبطة البطريرك ومجمعه المقدس.

ط) الوحدة الأرثوذكسيّة: سوف نتكلم عن هذا الموضوع في جلسة أخرى في هذا المؤتمر حين تبحث سياسة الحركة المسكونية ولكن أريد أن أذكر بعض الشيء عن مدى إلتزامنا في هذا الحقل في السنتَين الماضيتَين.

1)    سندسموس:

منذ نشأتها آمنت الحركة أنه لا يوجد أرثوذكسية عربية أو يونانية أو روسية أو أميركية وغيرها بل أرثوذكسية واحدة مقدسة رسولية ومعطية الحياة في روسيا وأميركا واليونان والبلاد العربية  وعلى هذا الأساس اتصل الحركيون منذ البدء بسائر أنحاء العالم الأرثوذكسي وأدّى هذا الاتصال – إلى جانب ما أدى إليه من نفع للحركة – إلى تأسيس منظمة سندسموس. وبما أن الحركة قد تحرّرت بعض الشيء من كل شعور عرقي وعنصري لعبت دورًا فعّالاً في تلك المنظمة وقد انتخب كما تعلمون الأخوة ألبير لحّام وكابي حبيب رئيس وأمين عام للمنظمة وأصبح منذ 1968 مكتبها الرئيسي في بيت الحركة في بيروت وقد جدّدت الحركات المنتمية إلى سندسموس في الصيف الماضي ثقتها بالحركة إذ جددت هذا الانتخاب في الجمعية العمومية التي انعقدت في بوسطن في الولايات المتحدة. وقد مثّل الحركة في هذا الاجتماع بناء على قرار الأمانة العامة الأمين العام والإخوة غسان معلوف ونديم طرزي وقد ساهموا إلى جانب الإخوة ألبير لحام وكابي ومود نحاس (التي كانت وقتئذ تعمل في مكتب سندسموس) مساهمة فعّالة في إنجاح المؤتمر مؤكدين دور الحركة الطليعي ومشاكلها إلى سائر المراكز الحركية وحثّ الأعضاء جميعهم للانفتاح على هذا الصعيد الأرثوذكسي العالمي إذ إن شباب الكنيسة مدعو اليوم أكثر من أي وقت مضى أن يلعب دورًا مهمًّا في حلّ المشاكل التي تمزّق العالم الأرثوذكسي نتيحة للصراع بين الروس واليونان بشأن أميركا ومشاكل عديدة أخرى تتعلّق بالنهضة في الكنيسة وحوارها مع العالم.

2)    المجمع الأرثوذكسي العام:

ومن المهمات التي أخذت سندسموس على عاتقها القيام بها في مؤتمرها الأخير العمل لحث الشباب الأرثوذكسي على الإهتمام في تحضير المجمع المسكوني الذي دعا إلى انعقاده المثلث الرحمات البطريرك المسكوني العظيم أثيناغوراس لهذا ولأهمية هذا الموضوع وضرورة انعقاد المجمع بالرغم من العقبات الجمّة التي تعترض طريقة نشرنا في مجلة النور مقالات بهذا الشأن ودعونا الشعب الأرثوذكسي للتجاوب معنا ولكن كما كان منتظر لم تصل حتى الآن إلا مساهمات قليلة جدًا وليس من الحركيين. على الحركة أن تنظر إلى هذا الموضوع برصانة وتبحث كيفية العمل من أجل إنجاح الحملة التي تريد الحركة أن تقوم بها بهذا الخصوص.

3)    الأرثوذكسية العربية:

لقد إتصل بنا مرارًا أخوة من مصر والأردن والأراضي المحتلّة طالبين من الحركة المساهمة في نهضة الكنيسة في ديارهم. ولقد إستجبنا لهذه الدعوات الملحّة إذ أن أوضاع الأرثوذكسية في بطريركيتنا الإسكندرية وأورشليم متدهورة نتيجة إهمال الرئاسة الروحية اليونانية والمشاكل السياسية والإجتماعية المختلفة التي تعيشها الرعايا وإقتناعًا منّا أن النهضة التي أعطيت لأنطاكية يجب أن تشعّ إلى البلاد المجاورة لكي تعود تلك البطريركيات القديمة مجتمعة فتلعب دورًا فعّالاً في العالم الأرثوذكسي.

وقد زار الأخ كابي حبيب المسؤول عن العلاقات العامة الأردن ومصر مرارًا. وقد أوفدنا الأخت مود نحاس والأخ نديم طرزي إلى الأردن وزار بعض الإخوة مصر بمناسبة مؤتمرات مسكونية إلتأمت هناك وأجروا إتصالات مع الشعب الأرثوذكسي الذي تجمّع هناك تحت رعاية المطران بولس العربي. وقد زار هذا الأخير هذه الديار واهتمّت به الحركة في مختلف مراكزها. ونتيجة لهذه الإتصالات دعينا تلك المنظمات في مصر والأردن والأراضي المحتلّة إلى إرسال عدد من أعضائها للإشتراك في الحلقات التدريبية والمؤتمرات الحركية. وقد لاحظتم في اللقاءات الأخيرة وجودهم، أرجو أن يكون هذا الإتصال الأول فاتحة لتعاون أثمر في شتّى الحقول لكي يتمجّد اسم الرب في البلاد العربية كاملة.

4)    الجاليات الأرثوذكسية في المهاجر

كذلك أجرى الأخ كابي حبيب وكذلك الوفد الحركي إلى مؤتمر سندسموس إتصالات مع ممثّلين عن حركة الشبيبة الأرثوذكسيّة الأنطاكية في الولايات المتحدة. وقد تقرّر إقامة علاقات دورية منتظمة فيما بيننا وقد زارنا في هذا الصيف عددًا من أعضاء هذه الجمعية. وقد كانت اجتماعاتنا معهم هنا وفي الولايات المتحدة وخاصّة لأحاديث الأخ كابي حبيب في مناسبات عديدة أثرًا فعّالاً إذ ظهر فيما بينهم عدد من الشبّان يسعون الآن لتحويل النمط الإجتماعي الصرف لإجتماعاتهم ونشاطاتهم إلى نوع يتلائم أكثر مع النمط الحركي.

يمكن أيضًا أن أتكلّم عن إتصالاتنا بجمعية الشبيبة الأرثوذكسيّة في الأرجنتين النشيطة جدًّا وقد أصبح أحد أعضائها عضوًا في اللجنة التنفيذية لمنظمة سندسموس. وإتصالات أخرى عديدة يقيمها الأخ كابي من خلال سفراته العديدة ناشرًا حيثما وجد التفكير الحركي.

ولكن علي أن أكتفي بهذا العدد مشدّدًا على ضرورة إنفتاحنا – في سائر المراكز – إلى إجتماعات العالم الأرثوذكسي لأنه إذا كانت الكنيسة وطننا الأول لا يسعنا إلا أن نفرح بكل انتصاراتها ونعمل جادّين للمساهمة في حلّ مشاكلها أينما وجدت.

ي) العمل المسكوني والعلاقات العامة

سنتحدّث مطوّلاً عن هذه الأمور في جلسة لاحقة لذلك أكتفي بالقول أنه حان (آن؟؟) لنا أن نحدد مدى إلتزامنا في هذه الأمور نظرًا للمسؤوليات الكثيرة التي تتطلّب منّا جهدًا متواصلاً آخذين بعين الاعتبار ضرورة الإنفتاح إذ لا حياة مسيحيّة حقّة دون محبة تشمل كل البشر المسيحيّين منهم وغير المسيحيّين لتوحيد الكل باحترام تام للحقيقة المسلّمة من الرب ومن أجل شهادة واحدة في العالم.

لقد إتبعت الحركة عامة في هاتَين السنتَين مبدأ التخفيف من الإلتزامات وحصرها في المجالات التالية:

1)    الوحدة الشرقية وعلى سبيلها توطدت علاقاتنا مع الأقباط في مصر وعلينا أن ندرس كيف يمكن أن نساهم على صعيد الشباب لتأمين تطبيق مقرّرات المؤتمر التاريخي الذي انعقد في البلمند مؤخّرًا.

2)    العلاقات مع الكاثوليك والإنجيليّين على الصعيد المحلّي والمنطقة ونلاحظ نشاطًا حركيًّا في هذه المجالات خاصّة في بيروت وأيضًا في حلب.

3)    أما بخصوص العلاقات الدولية فعلينا أن نختصر منها ولنا الآن إتصالاً رسميًّا واحدًا ألا وهو الإتحاد العالمي للطلبة المسيحيّين وقد إشتركت شخصيًّا كما أنه اشترك الأخ طارق متري مرارًا نيابة عني في اجتماعات مختلف لجانه ونحن بصدد البحث فيما إذا وجب لنا أن نتابع إنضمامنا إلى هذا الاتحاد أو الإنسحاب منه وسوف نبحث هذا الموضوع مليًّا فيما بعد.

4)    وأيضًا إشترك عدد من الحركيّين بصفتهم الشخصيّة من بيروت وطرابلس في عدد من الإجتماعات في لبنان وأيضًا ما تنظّمها الحركة الكاثوليكيّة.

ف) الخلاصة العامّة:

بعد هذا العرض يمكن لنا أن نتساءل أين نحن من ظواهر الضعف الخمسة التي ذكرنا في مؤتمرنا الأخير. يمكن القول أنه أعطي لنا أن نباشر في تصحيح أوضاع البرامج والتوجيه وأن نصلح الوضع المالي وأن نخطوا بعض الخطوات في سبيل توطيد الوحدة الحركية ولكنها لا تكفي. هذه هي النواحي الإيجابية من جهاد المراكز والأمانة العامة في السنين الأخيرة والتكريس يبقى الأهم وهو تحرّكنا الضئيل للخروج من إنكماشنا وقوقعتنا من جهة وقلّة تحرّكنا بما يختصّ بتنشيط حياة الصلاة والتكريس والقداسة بيننا من جهة أخرى ويؤلمني أن أقول أننا ما زلنا عامة في الأزمة نفسها مع أنه بدت بعض علائم الإنفراج في بعض الجهات الصغيرة في المراكز وهنا لا يسعني إلا أن أقول ما يلي:

1)    عند توطيد تيّار إلتزام شؤون الأرض في الحركة حوالي 1967 ظنّ البعض أن هذا الصعيد من الإلتزام المسيحي يغني عن غيره. وأخذوا ينقطعوا عن الخدم الإلهية وعن الإهتمام في الصلاة والإعتراف ودرس الكلمة. فظهر في الحركة تيّارًا يشابه بعض التيارات المسيحية الغربية الحديثة حيث يختصر العمل المسيحي في عمل سياسي وإجتماعي. ونحن نقول أن هذا المنطق مخطئ إذ أن العمل المسيحي يتحرّك دومًا على الصعد الثلاث – الشخصي والكنسي والعالمي الإجتماعي السياسي. وأن كل عمل مسيحي غير متأصّل بالمسيح لا معنى له لأنه لا يمكن لنا أن نخدم الآخرين إذا لم يسكن المسيح فينا ويترجم محبة وتواضعًا وموتًا للذات.

الثورة كل الثورة من الداخل والحركة لا مكانة لها إذا كفّت أن تكون مدرسة مكرّسين يعرفون أنهم مسيحيّين قبل أن يكونوا طلابًا أو عاملين أو ثوّارًا وأن الله هو مبتغاها الوحيد وأنها تفتش عنه في البشر وأن ولاءها له وحده وأنه هو يحلّ مشاكل العالم بقدر ما أرتمي فيه وأجعله يعمل من خلالي وإن الصلاة والصوم والمناولة والتأمّل الكتابي هم ركيزة كل عمل سياسي كان أو ديني وإلا نكون صنوجًا ترنّ. علينا أن نعيد تركيز توجيهنا في الحركة عن ذلك وكل شيء – عمل سياسي أو إجتماعي أو كنسي – يعطي ويزداد.

إخوتي، هذا هو الأساس وأن تكون الحركة هكذا وإلا لا تكون. يجب على أعضائها وعلى المريدين أن يفهموا ذلك بالمحبة والأخوّة. همّنا أن نكون قلّة متكرّسة ولا عددًا غوغائيًّا نشاطيًّا. هذا ما تطلبه منا الكنيسة هذا ما ينتظره منا العالم.

كل تخطيط لا يرتكز على هذا فاشل وكل تخطيط أو عمل تقوم فيه من برمجة وتدريب ونشر وتبشير يعطي ثمارًا فقط إذا وضع في هذا الإطار. التركيز على هذا الصعيد يعني أنه علينا أن نضحّي بالشيء الكثير.

أولاً: من الضرورة أن يوجد بأسرع وقت ممكن أناسًا مستعدّين أن يتجوّلوا دومًا بين المراكز للحثّ على ذلك وفي الأخص أن يكون الأمين العام أو بعض أعضاء الأمانة العامة متفرّغين لهذا الغرض وعلى الحركة أن تتحمّل معيشتهم.

ثانيًا: على الشباب الحركي أن يعطي للحركة سنة من حياته (خاصة بعد إنتهاء دراسته الجامعيّة وقبل انخراطه في العمل).

ثالثًا: علينا أن نعطي كهنة ورهبان.

رابعًا: علينا أن نؤمّن في كلّ مركز الأبوّة الروحية الصالحة.

خامسًا: أن نختصر من أعمالنا وألّا نتشعّب بالأقل أهمّية.

سادسًا: أن نكون جادّين في التشديد على الطابع الروحي في الحركة وأنه من يريد أن يحوّل هذا الإتجاه يجب أن يقصى.

وكل هذا يجب أن يكون بسرعة لأن مسؤوليات الحركة وعدد الأوساط التي تنتظر منها الإعانة يتزايد.

على الصعيد الأنطاكي الحاجة ماسّة إلى عمل أعمق على ضوء الأنظمة الجديدة وإتصال أوسع بسائر فئات الشعب والتعاون مع المطارنة في شتّى المجالات.

على صعيد أرثوذكسي عربي الأردن ومصر وفلسطين والخليج العربي ينتظرنا بل يدعونا وقد طلب الإخوة في الأردن أن يعتبروا مركزًا حاليًّا ناشئًا.

على الصعيد الأرثوذكسي العام مهمّ جدًّا أن تقوى سندسموس لكي تصبح أداة فعّالة في حلّ المشاكل الأرثوذكسية المزمنة ولتحضير المجمع الأرثوذكسي العام.

على صعيد الوحدة الشرقية يجب أن يتابع جو إجتماع البلمند مع الشباب وتبادل الاختبارات والاجتماعات المشتركة.

على صعيد العمل المسكوني مع الكاثوليك في بلادنا وفي لبنان الـG.O.P يرتكز علينا بقسط كبير من مهامه.

على صعيد العمل المسكوني في العالم لنا نظرة خاصّة تقليدية ومنفتحة تساعد الغرب أن يحلّ ربما مشاكلها.

على صعيد الحوار مع الإسلام.

على صعيد القضية الفلسطينية.

على صعيد التحرّر الوطني في لبنان ومحو الطائفية والنضال الطلابي.

كل هذه الأوساط وغيرها تنتظر من الحركة أن تتحرّك فهل سنصمّ آذاننا؟ أو نعمل بالرجوع إلى الحاجة الأساسيّة بشتّى الوسائل؟

هذا هو السؤال المطروح على هذا المؤتمر فأرجو أن نجيب عليه بجدّية ومسؤولية وإخلاص لكي تستمر هذه الحركة وتبقى حاملة رسالة حياة. وتكون جهود الإخوة الذين سبقوا في الخدمة وخاصة الذين تركونا إلى حضن الرب في هذه السنتين تركنا أخوين أعزّاء مرسيل وعبد المسيح – تكون جهودهم لم تذهب سدى. فيتمجّد الرب في أنطاكية وتصبح أنطاكية مجدّدًا أيقونة الرب على هذه الأرض.

والسلام

المشاركات الشائعة